هولندا تشدد الرقابة على تجارة السجائر الإلكترونية وتدرس رفع سن التدخين إلى 21 عاما

أعلنت الحكومة الهولندية عن إجراءات صارمة جديدة لمكافحة التجارة غير القانونية للسجائر الإلكترونية (الفيب) عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وفي الشوارع. كما تدرس السلطات رفع سن التدخين واستخدام الفيب من 18 إلى 21 عامًا، إضافة إلى جعل الملاعب، وحدائق الحيوانات، ومراكز رعاية الأطفال مناطق خالية من التدخين والفيب. كما سيتم تنظيم جلسة وطنية توعوية للآباء حول مخاطر الفيب، في إطار الجهود المبذولة للحد من انتشار هذه الظاهرة بين الشباب.
أرقام مقلقة لاستخدام السجائر الإلكترونية
وفقا لبيانات رسمية صادرة في عام 2023، استخدم 24.6% من الشباب الهولندي الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاما السجائر الإلكترونية، وهي نسبة وصفها وزير الدولة لشؤون الشباب والوقاية والرياضة مارين كاريمنس بأنها “مقلقة للغاية”. وأشار إلى أن الفيب يحتوي على النيكوتين، وهو مادة شديدة الإدمان لا تقل خطورة عن الهيروين والكوكايين، وفقا لتقرير صادر عن المعهد الوطني الهولندي للصحة العامة (RIVM).
إلى جانب الإدمان، حذرت التقارير الطبية من أن استخدام السجائر الإلكترونية يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، مثل أمراض القلب، والانهيار الرئوي، ونزيف الرئة، كما أظهرت دراسات أن الفيب قد يكون بوابة لبدء التدخين التقليدي بين المراهقين.
محاولات سابقة للحد من انتشار الفيب
على الرغم من الجهود السابقة للحد من انتشار الفيب، إلا أن شعبيته لا تزال مرتفعة بشكل غير مسبوق بين المراهقين، ويعود ذلك جزئيا إلى تأثير المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، إلى جانب توفره بطرق غير قانونية عبر الإنترنت.
وكانت الحكومة الهولندية قد اتخذت بالفعل عدة تدابير لمكافحة انتشار الفيب، حيث تم:
- حظر بيع السجائر الإلكترونية عبر الإنترنت منذ عام 2023، وقصر بيعها على متاجر التبغ المتخصصة.
- منع بيع النكهات الحلوة والمنكهة في بداية عام 2024، إذ تبين أنها تجعل الفيب أكثر جاذبية للشباب.
- فرض حظر على التدخين واستخدام الفيب في الأماكن العامة المغلقة.
مراقبة أكثر صرامة وإجراءات جديدة
يركز كاريمنس الآن على تعزيز الرقابة على التجارة غير القانونية عبر الإنترنت وفي الأسواق السوداء، حيث لا يزال المراهقون يحصلون بسهولة على السجائر الإلكترونية من خلال البيع السري، أو عبر وسطاء بالقرب من المدارس، أو من خلال مواقع إلكترونية غير مرخصة.
لكن تطبيق هذه القوانين يواجه صعوبات كبيرة، حيث تعاني هيئة الغذاء والمنتجات الهولندية (NVWA) من نقص حاد في عدد المفتشين، مما يجعل مهمة التصدي لهذه التجارة غير القانونية شبه مستحيلة. كما أن القوانين الحالية تجرّم فقط عملية البيع، مما يعني أن المفتشين بحاجة إلى القيام بعملية شراء وهمية لضبط التجار المخالفين.
ولتجاوز هذه العقبات، يعتزم كاريمنس سنّ قانون جديد يجعل عرض السجائر الإلكترونية للبيع غير قانوني، مما يعني أنه لن يكون من الضروري إثبات عملية البيع كما هو الحال الآن. كما سيتم تخصيص ثلاثة ملايين يورو إضافية لتعزيز فرق التفتيش في NVWA، ورفع غرامات البيع غير القانوني عبر الإنترنت بمقدار 1360 يورو إضافية.
قيود جديدة لكن بدون حظر شامل
على الرغم من المطالبات المتزايدة بفرض حظر كامل على السجائر الإلكترونية، فإن كاريمنس لا ينوي اتخاذ هذه الخطوة، مشيرًا إلى أن مثل هذا القرار يجب أن يتم على مستوى الاتحاد الأوروبي لتجنب انتقال التجارة إلى السوق السوداء وزيادة البيع غير القانوني.
وتشير التجارب الدولية إلى إمكانية فرض قيود صارمة، حيث حظرت بلجيكا السجائر الإلكترونية القابلة للاستخدام مرة واحدة، بينما قيدت أستراليا بيع الفيب ليكون متاحا فقط في الصيدليات، وفرضت نيوزيلندا قيودا على مستوى النيكوتين لمنع الإدمان.
انقسام سياسي حول التدابير الجديدة
في البرلمان الهولندي، تطالب الأغلبية بتوسيع مناطق حظر الفيب لتشمل الملاعب الرياضية، والمتنزهات الترفيهية، وحمامات السباحة المفتوحة، لكن كاريمنس لم يتخذ هذه الخطوة بعد. كما أثارت الاقتطاعات الحكومية من ميزانيات الوقاية الصحية انتقادات واسعة من المعارضة، التي ترى أن تقليص تمويل برامج مثل “البداية الخالية من التدخين” يتعارض مع جهود مكافحة الفيب.
من جهة أخرى، تعارض أحزاب الائتلاف الحاكم الشعب الديمقراطي “VVD” والحرية “PVV” فرض حظر شامل على السجائر الإلكترونية القابلة للاستخدام مرة واحدة، ما يعقد تنفيذ الإجراءات الجديدة.