نقص العمالة يهدد الشركات الهولندية ويدفعها للتفكير في الانتقال إلى الخارج
تشهد هولندا أزمة نقص حادة في العمالة، حيث جاءت في المرتبة الأخيرة ضمن تصنيف يضم 89 من أهم الاقتصادات العالمية من حيث توفر القوى العاملة، وفقا لتقرير جديد صادر عن جامعة أمستردام بالتعاون مع وكالة الأبحاث SEO. وأشار التقرير، الذي أُعد لصالح وزارة الشؤون الاقتصادية، إلى أن هذا النقص يشكل دافعا رئيسيا لواحدة من كل خمس شركات هولندية للنظر في الانتقال الجزئي أو الكلي إلى الخارج.
تراجع في تقييم مناخ الأعمال
وفقًا للتقرير، حصل مناخ الأعمال في هولندا على تقييم متوسط بلغ 6 من 10 هذا العام، وهو ما يمثل استمرارًا في التراجع للعام الثاني على التوالي، بعد أن كان التقييم 6.7 في عام 2022 و6.4 في عام 2023. وأوضح البروفيسور هينك فولبردا، أستاذ الاستراتيجية والابتكار في جامعة أمستردام، أن أكبر التراجعات الملحوظة كانت في تقييم البنية التحتية للطاقة، المناخ الضريبي، والبيروقراطية، بالإضافة إلى تراجع التقييم الخاص بتوفر المواهب.
سياسات الحكومة تحت المجهر
وأضاف التقرير أن الشركات أبدت لأول مرة في هذا العام ملاحظات حول استقرار سياسات الحكومة وقابليتها للتنبؤ، حيث حصل هذا البعد على أقل تقييم من بين 14 بُعدًا شملها البحث. وأعربت الشركات الهولندية عن قلقها من السياسات التي تتبناها الحكومة اليمينية، مشيرةً إلى أن بعضها قد يترك تأثيرات سلبية كبيرة على أعمالها.
نقاط إيجابية وأخرى مقلقة
على الجانب الإيجابي، أشار التقرير إلى قوة البنية التحتية المعرفية في هولندا بفضل جامعاتها ومعاهدها البحثية. لكن هذه الميزة قد تواجه تهديدًا مع خطط الحكومة لتقليص ميزانية البحث العلمي بمقدار 200 مليون يورو، إضافة إلى سياسات تهدف لتقليل أعداد الطلاب الأجانب القادمين للدراسة في البلاد، والذين يشكلون مصدرًا هامًا للقوى العاملة الماهرة.
مخاطر الحد من الهجرة العمالية
وأوضح فولبردا أن نقص العمالة الماهرة يمثل تحديا كبيرا لمستقبل بعض الشركات في هولندا، لا سيما مع خطط الحكومة للحد من الهجرة العمالية. ورغم تأكيده على أهمية معالجة استغلال العمالة الأجنبية الرخيصة، خاصة في قطاعات مثل الزراعة والصناعات الغذائية والرعاية الصحية، حذر من أن سياسات تقليل الهجرة قد تؤثر سلبًا على قطاعات أخرى مثل التكنولوجيا والتوزيع، ما قد يدفع الشركات إلى مغادرة البلاد.
في ضوء هذه التحديات، تبدو الشركات الهولندية أمام خيارات صعبة، وسط توقعات بمزيد من الضغوط على الحكومة لإعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والهجرة للحفاظ على استقرار مناخ الأعمال وضمان استمرار النمو الاقتصادي.