أخبار هولندا

تحذير أوروبي من تدهور جودة المياه في هولندا

حذرت المفوضية الأوروبية في تقرير حديث من تدهور جودة المياه في هولندا، مشيرةً إلى أن استمرار هذا التدهور قد يحول دون تحقيق المعايير البيئية المطلوبة بحلول عام 2027 وفقا لقوانين الاتحاد الأوروبي. وقد جاء هذا التحذير في إطار تقييم التقدم المحرز بموجب توجيه الإطار المائي، الذي يُعتبر التشريع الرئيسي للاتحاد الأوروبي في مجال حماية الموارد المائية.

واقع مقلق لجودة المياه في هولندا

أشار التقرير إلى أن جودة المياه في البحيرات والأنهار والقنوات الهولندية قد تدهورت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. من بين 745 مسطحا مائيا سطحيا تم مراقبتها في هولندا، لم يتم تصنيف أي منها على أنها في حالة “جيدة”، وهو ما يمثل تراجعا طفيفا مقارنة بعام 2015. ووفقا للتصنيفات:

  • 64% من هذه المسطحات اعتُبرت في حالة “متوسطة”
  • 26% صنفت على أنها “سيئة”
  • 9% وُصفت بأنها في حالة “سيئة جدا”

ورغم انخفاض عدد المسطحات المائية ذات الحالة السيئة مقارنة بالماضي، إلا أن التقرير أشار إلى “تدهور خطير” في الحالة الكيميائية للمياه. فقد تراجع تصنيف المسطحات المائية التي حققت حالة كيميائية “جيدة” من 70% في عام 2009 إلى 39% في 2015، ووصل إلى مستوى مقلق بلغ 9% فقط في عام 2021.

توقعات مستقبلية قاتمة

تبدو التوقعات المستقبلية غير مبشرة، حيث يُتوقع أن تصل فقط 5.2% من المسطحات المائية الهولندية إلى تصنيف “جيد” بيئيًا بحلول عام 2027، في حين يُتوقع أن يحصل 20% فقط منها على تصنيف “جيد” من الناحية الكيميائية.

الأسباب وراء التدهور

يرجع هذا التدهور إلى عدة عوامل رئيسية حددتها المفوضية الأوروبية، من أبرزها:

  • الكثافة السكانية العالية: ما يؤدي إلى ضغط كبير على الموارد المائية.
  • استخدام الأراضي المكثف: خاصة في المناطق الحضرية والزراعية.
  • الأنشطة الزراعية والصناعية: التي تسهم بشكل كبير في تلوث المياه من خلال المخلفات الكيماوية والمغذيات الزراعية.
  • التلوث التاريخي: حيث لا تزال آثار التلوث السابق تؤثر على جودة المياه.

أما بالنسبة للمياه الجوفية، فمن غير المتوقع أن تتحسن حالتها بسبب أربعة ملوثات رئيسية مرتبطة بالزراعة: النترات، الكلوريد، المبيدات الحشرية، والفوسفور. وحذرت المفوضية من أن قرار الحكومة الهولندية بتخفيف الإجراءات الخاصة بمعالجة تلوث النيتروجين قد يؤدي إلى “عواقب سلبية خطيرة” على جودة المياه.

توصيات المفوضية الأوروبية

دعت المفوضية الحكومة الهولندية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لمعالجة الوضع المتدهور، من أبرزها:

  1. تقليل تلوث المغذيات بشكل جذري، خاصة أن انبعاثات النيتروجين في هولندا أعلى بأربع مرات من متوسط الاتحاد الأوروبي.
  2. فرض تدابير إلزامية إذا ثبت أن التدابير الطوعية غير كافية لتحقيق النتائج المرجوة.
  3. زيادة التمويل لإدارة المياه المستدامة، بما في ذلك تحسين البنية التحتية والابتكار في تقنيات معالجة المياه.
  4. مراجعة تصاريح المنشآت الصناعية التي تصرف نفاياتها في المسطحات المائية السطحية.
  5. تعزيز مشاريع إعادة تأهيل البيئات الطبيعية، مثل استعادة الأراضي الرطبة والأنهار المتدهورة.

تحديات مشتركة تتطلب تحركا جماعيا

قالت مفوضة البيئة في الاتحاد الأوروبي، جيسيكا روسوال: “تواجه مياهنا تحديات كبيرة، من التلوث وتهديدات إمدادات المياه إلى ضعف الاستعداد لمواجهة الفيضانات. علينا تعزيز جهودنا لبناء مرونة مائية حقيقية.”
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي يعمل على تطوير استراتيجية شاملة لتعزيز مرونة المياه سيتم الإعلان عنها في وقت لاحق هذا العام.

وفي السياق ذاته، شددت المنظمات البيئية مثل الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) ومنظمة الحفاظ على الطبيعة والأراضي الرطبة الدولية على ضرورة أن تجعل الدول الأعضاء إدارة المياه أولوية وطنية. ودعت هذه المنظمات إلى:

  • معالجة تلوث المياه بفعالية.
  • تقليل استهلاك المياه الصافية في المناطق التي تعاني من إجهاد مائي.
  • حماية واستعادة الأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة، باعتبارها الحليف الأقوى في استعادة دورة المياه ومواجهة آثار تغير المناخ.

تواجه هولندا تحديا حقيقيا في الحفاظ على جودة مياهها وضمان استدامتها للأجيال القادمة. فالتدهور المستمر لجودة المياه لا يؤثر فقط على البيئة، بل يهدد الصحة العامة والاقتصاد أيضا. ومن هنا، يصبح التحرك السريع والحاسم مسؤولية مشتركة بين الحكومات والمنظمات البيئية والمجتمعات المحلية لضمان مستقبل مائي آمن ومستدام.

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات