سياسة ترامب تهدد الاقتصاد الهولندي والأوروبي
من المتوقع أن تشكل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تحدياً للاقتصاد الهولندي والأوروبي على حد سواء. التحليلات تشير إلى أن السياسات التجارية التي قد يتبناها ترامب، والتي تتضمن فرض رسوم جمركية إضافية على الواردات، قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم، ضعف اليورو، وعرقلة النمو الاقتصادي في أوروبا. ووفقاً لتقديرات خبراء بنك “رابوبنك”، قد يتسبب ذلك في انخفاض النمو الاقتصادي في هولندا بمقدار 0.9٪ على المدى الطويل، اعتماداً على مدى رفع ترامب لحواجز الواردات خلال فترة رئاسته المقبلة.
التداعيات الاقتصادية المحتملة لفوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة
يحتل الاقتصاد الأمريكي مكانة كبيرة بالنسبة لهولندا، حيث تعد الولايات المتحدة رابع أكبر سوق تصدير للمنتجات الهولندية. ومع إعلان ترامب عن نيته زيادة الرسوم الجمركية على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، فإن الشركات الهولندية قد تواجه تحديات كبيرة في مواصلة تصدير منتجاتها إلى هذا السوق. وقد قام بنك “رابوبنك” بدراسة سيناريوهين؛ الأول يتوقع فيه فرض رسوم إضافية بنسبة 5٪ على الواردات، بينما يتوقع الثاني زيادة الرسوم بنسبة 10٪. ووفقاً لهذا التحليل، فإن نمو الاقتصاد الهولندي قد ينخفض بنسبة 0.4٪ إلى 0.9٪ على مدار فترة رئاسة ترامب، مما يعادل خسارة تصل إلى 500 يورو سنوياً لكل مواطن هولندي.
مخاطر إضافية بسبب الصين
إلى جانب الرسوم الجمركية على المنتجات الهولندية، يخطط ترامب أيضاً لفرض رسوم إضافية بنسبة 60٪ على الواردات الصينية، وهو ما قد يدفع الصين إلى إغراق السوق الأوروبية بسلع بأسعار منخفضة. وقد حذر اقتصاديون من أن ذلك قد يخلق بيئة تنافسية شديدة داخل الاتحاد الأوروبي، مما يضر بالشركات الأوروبية ويزيد من صعوبة تحقيق أرباح جيدة في الأسواق المحلية.
التضخم وتراجع قيمة اليورو
بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة للتعريفات الجمركية، حذر بنك “رابوبنك” من ارتفاع معدل التضخم في هولندا بسبب انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار الأمريكي. فقد انخفض سعر اليورو مؤخراً من 1.09 دولار إلى 1.07 دولار، مما يجعل تكلفة السلع الأساسية المستوردة مثل النفط، الذي يتم تسعيره بالدولار، أعلى بالنسبة للاقتصاد الهولندي. ونتيجة لذلك، يتوقع البنك أن يرتفع معدل التضخم في هولندا إلى 3.8٪ مقارنة بالمعدل الحالي البالغ 3.6٪، وهو ما يتجاوز بكثير الهدف الذي حدده البنك المركزي الأوروبي عند 2٪.
تأثير اقتصادي واسع على الاتحاد الأوروبي
وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن يكون تأثير التعريفات الجمركية الأمريكية متواضعاً نسبياً على دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة. فقد توقعت دراسة أجرتها “مدرسة لندن للاقتصاد” انخفاضاً في النمو الاقتصادي بمنطقة اليورو بنسبة -0.11٪ فقط. ومع ذلك، فإن بعض الصناعات، مثل صناعة السيارات، ستتأثر بشدة نظراً للاعتماد الكبير على الصادرات إلى السوق الأمريكية. وقد اقترح ترامب في وقت سابق فرض رسوم جمركية بنسبة 100٪ على السيارات المستوردة و200٪ على بعض الأنواع، ما من شأنه أن يبطئ التحول نحو السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، حيث تشكل السيارات الكهربائية حوالي 30٪ من السوق الأمريكية.
آراء خبراء الاقتصاد: التحذير من الرد بالمثل
وفي هذا السياق، يحذر بعض الخبراء من الرد على سياسات ترامب بحواجز تجارية مماثلة. الدكتور أوريليان سوسي، أستاذ مساعد في معهد غرانثام لأبحاث التغير المناخي والبيئة، يعتقد أن فرض تعريفات انتقامية قد يؤدي إلى حرب تجارية أوسع وأشد، تكون لها تأثيرات سلبية على جميع الاقتصادات العالمية. وبدلاً من ذلك، يقترح سوسي أن تقوم أوروبا باتخاذ إجراءات وقائية دقيقة تستهدف القطاعات الأكثر تضرراً، مثل صناعة السيارات، وذلك عبر تقديم دعم مؤقت أو إعفاءات ضريبية لتخفيف الأثر الاقتصادي.
آفاق الاقتصاد الأوروبي مع عودة ترامب
في ظل هذه التوقعات، فإن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تفرض على أوروبا تحديات اقتصادية غير مسبوقة، حيث ستحتاج إلى سياسات ذكية ومرنة للتكيف مع واقع جديد تسوده السياسات التجارية الحمائية والتضخم المرتفع. أوروبا قد تضطر لاتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز قطاعاتها الاقتصادية وتوسيع أسواقها، لمواجهة تبعات السياسات التي قد تقيد من وصول الشركات الأوروبية إلى السوق الأمريكية وتزيد من تكاليف الإنتاج، ما يضعها أمام تحدي كبير خلال السنوات القادمة.