اقتصاد

أزمة تكاليف المعيشة في هولندا: خطط متعددة وحلول متباينة

تشهد هولندا نقاشا حادا حول أزمة تكاليف المعيشة، حيث يناقش أعضاء البرلمان الإجراءات الممكنة للحد من ارتفاع الأسعار، وسط إجماع على ضرورة تدخل الحكومة لدعم الطبقة الوسطى. يأتي هذا في ظل إعلان وكالة الإحصاءات الوطنية (CBS) عن ارتفاع معدل التضخم إلى 3.8%، مع زيادات ملحوظة في أسعار المواد الغذائية، وتوقعات بعدم حدوث تحسن في الأشهر المقبلة.

مقترحات حزبية متباينة

في ظل هذه الأوضاع، قدمت الأحزاب السياسية خططها الخاصة لمواجهة الأزمة. فقد نشر حزبا تحالف اليسار “GroenLinks-PvdA” خطة طوارئ تتضمن زيادات في الرواتب الصافية، وربط مزايا الضمان الاجتماعي بارتفاع الأجور، بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجور إلى 16 يورو في الساعة. كما تشمل خطتهم تجميد الإيجارات، وإعادة فرض سقف على فواتير الطاقة، ووقف تخفيضات الإنفاق على رعاية الأطفال، وربما تثبيت أسعار النقل العام.

ويقدر الحزب تكلفة هذه الإجراءات بـ 4.7 مليار يورو، على أن يتم تمويلها عبر فرض ضرائب إضافية على البنوك، وتعزيز مكافحة التهرب الضريبي، وفرض ضرائب على المضاربة العقارية للحد من احتكار الأراضي، بالإضافة إلى زيادة الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات.

من جهته، قدم حزب الشعب الديمقراطي “VVD” خطته الخاصة في يناير الماضي، والتي تهدف إلى إنفاق مليار يورو لضمان أن يكون العمل، وخاصة لساعات أطول، أكثر جدوى ماليا. وتشمل الخطة تخفيض الضرائب على الطاقة، وزيادة إعانات رعاية الأطفال للأسر ذات الدخل المتوسط، مع تمويل جزء من هذه الإجراءات عبر تخفيض المساعدات التنموية.

كما يسعى الحزب إلى ترسيخ مبدأ قانوني يضمن أن يكون العاملون دائما أكثر استفادة من ارتفاع الرواتب مقارنة بغير العاملين. وأوضحت زعيمة الحزب ديلان يسيلغوز أن “العمال يجب أن يكونوا في المرتبة الأولى دائمًا، ويجب أن يكافأ العمل في هولندا.”

مواقف أخرى في المشهد السياسي

إلى جانب الشعب الديمقراطي “VVD” وتحالف اليسار “GroenLinks-PvdA”، قدمت أحزاب أخرى رؤاها الخاصة لمواجهة الأزمة. فقد دعا زعيم اليمين المتطرف خيرت فيلدرز إلى تخفيض الإيجارات وفواتير الطاقة، إلى جانب تقليل ضريبة القيمة المضافة على السلع الغذائية.

أما حزب العقد الاجتماعي “NSC“، الشريك في الائتلاف الحكومي، فقد اقترح تخفيض الضرائب على الغاز، وفرض حد أقصى لرسوم رعاية الأطفال، مع تمويل هذه الإجراءات عبر فرض قيود إضافية على “قاعدة 30%”، وهي إعفاء ضريبي يمنح بعض العمال الأجانب ذوي الدخل المرتفع مزايا ضريبية لمدة خمس سنوات.

حكومة متعثرة ونظرة للمستقبل

بالتزامن مع هذه النقاشات، يعمل الوزراء على وضع تفاصيل البيان المالي الحكومي لفصل الربيع، والذي من المتوقع استكماله بحلول 11 أبريل.

ورغم الاتفاق العام بين الأحزاب على ضرورة اتخاذ إجراءات لمواجهة ارتفاع الأسعار، فإن الخلاف يظل قائما حول الحلول الأنسب. وفي هذا السياق، يرى المراقبون أن تعدد الخطط الحزبية يعكس حالة من التذبذب الحكومي، وربما يشير إلى تمهيد لحملة انتخابية مبكرة، حيث تسعى كل الأحزاب إلى توضيح مواقفها وكسب تأييد الناخبين.

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات