العالم

التهديد النووي مرارا وتكرارا: هل يضغط بوتين على الزر الأحمر؟

يكرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهديداته باستخدام الأسلحة النووية حتى أصبح هناك اعتقاد أنها مجرد تهديدات فارغة لابتزاز العالم. ومرة أخرى وفي كلمته الأخيرة كرر بوتين كلامه، إنه مستعد “لاستخدام كل الأسلحة الممكنة إذا تعرضت وحدة أراضي روسيا للتهديد”. ورد عليه الناتو واصفاً التصريحات بأنها “خطيرة ومتهورة”. ولكن يبقى السؤال هل سيذهب بوتين حقاً إلى هذا الحد أم أنه سوف يقتصر على التهديدات الكلامية؟ ؟

بوتين لجأ إلى التهديد النووي في مناسبات عديدة، ولكن الآن في وقت يتعرض فيه لضغوط داخلية وخارجية فعلية ويواجه هزائم مستمرة على عدة جبهات في ساحة المعركة في أوكرانيا. يعتقد فرانس أوسينجا، أستاذ دراسات الحرب في جامعة لايدن الهولندية، أن حدود بوتين قد تراجعت بالفعل. “بوتين محاصر وهذا يجعل مصداقية هذا التهديد أعلى مما كانت عليه في وقت سابق هذا العام. روسيا في الأساس ليس لديها خيارات عسكرية متبقية.”

تمتلك روسيا أكبر ترسانة أسلحة نووية في العالم. و”بوتين له تاريخ من العنف الوحشي” ، على حد قول ياب دي هوب شيفر، الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي ووزير الخارجية الأسبق.

إن نشر الأسلحة النووية سيكون تصعيدا غير مسبوق، كما يقول دي هوب شيفر، الذي يعتقد أنه من الأهمية بمكان ألا نجعل الخوف مكان في أنفسنا. وشعاره هو “تشكيل جبهة موحدة ومواصلة دعم أوكرانيا قدر الإمكان”.

هجوم مباشر

تجري حاليا استفتاءات – يصفها الغرب أنها مزورة ووهمية- بشأن الانضمام إلى روسيا في أربع مناطق محتلة من أوكرانيا. ومن المنتظر الإعلان عن النتائج الأربعاء المقبل. ومن المؤكد : أن نتيجة التصويت ستكون لصالح الانضمام. وبهذه النتيجة، ستعتبر روسيا أي هجوم على الأراضي المضمومة هجوما مباشرا على البلاد. وهنا التطور الجديد والخطير حيث يخشى أن ترد روسيا بالأسلحة النووية.

يقول أوسينجا: “بحسب بوتين، الأمر يتعلق بالدفاع عن الأراضي الروسية”. ومن خلال هذا التصويت يريد بوتين “اكتساب شرعية للتصعيد بالسلاح النووي”

يجد الخبير في شؤون أوروبا الشرقية “بوب دين” صعوبة في إيجاد التقييم المناسب للتهديد الفعلي الذي تشكله كلمات بوتين. “ما يحاول تحقيقه بهذا الخطاب، هو إرسال “إشارات”، بأن هذا جزء من استراتيجيته الرادعة”. ويضيف الخبير:”لا نعرف ما هي عتبة تهديده”.” يضيف دين: “إن إبقاء العدو في حالة من عدم اليقين هو جزء من استراتيجية روسيا”.

بوتين يتماشى مع تحذيراته – التي يصفها البعض بـ “بالجدية” – التي تتجاوز العقيدة النووية الرسمية. والتي تنص على أن روسيا يجب أن تكون أول من يستخدم الأسلحة النووية في حرب تقليدية إذا كان وجود الدولة ذاته مهددا.

الخبير دين: “هذا يعني أنه سيتعين عليه إثبات أن تلك الجمهوريات التي شكلها – والتي لم تكن حتى الآن جزءا من الاتحاد الروسي – ضرورية لبقاء الدولة الروسية. وهذا عتبة عالية جدا. على الرغم من أنه، بالطبع، يمكنه أيضا تغيير العقيدة إذا أراد ذلك”.

عدم القدرة على التنبؤ

وفقا للخبراء، يتمسك بوتين الآن بشكل أساسي بالكلمات الطنانة. كما هدد بوتين باستخدام الأسلحة النووية عندما أعلن غزو أوكرانيا في نهاية فبراير/شباط. لكن ليس هناك حديث عن رفع حالة التأهب في البلاد ولم يتم تثبيت رؤوس حربية نووية على صواريخ حتى الآن.. ولكنه يحقق شيئا آخر من خلال الخطاب: “الخوف”.. يقول دين: “هذا جزء من الاستراتيجية”.

يود الغرب أن يتبع بوتين نفس القواعد والعقلانية التي تتبعها. لكن العقلانية الروسية مختلفة، بحسب الخبير بالشأن الروسي، الصحفي الهولندي هوبير سميتس. “الغرب يفكر في مواقف لا يوجد فيها خاسر: في روسيا، إنها لعبة محصلتها صفر: مكسب المرء هو خسارة الآخر”.

عدم القدرة على التنبؤ بشكل كامل حول ما سيفعله بوتين هو العامل الأكثر غموضاً.. ما قاله في وقت سابق عن الأسلحة النووية اتضح أنه غير صحيح. وهنا يوضح سميتس: “يمكنك أن تقول، إذا قال إنها ليست خدعة، فقد تكون خدعة. لكن بوتين يعمل خطوة بخطوة: يقطع النقانق مثل السلامي، ويتقدم خطوة أخرى إلى الأمام”.

اترك تعليقاً

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات