العالم

6 أشهر على طوفان الأقصى وإعلان إسرائيل الحرب على حماس

في صباح السابع من أكتوبر 2023، نفذت مجموعات من حركة المقاومة الإسلامية “حماس” هجوما على منطقة غلاف غزة داخل “إسرائيل”، معلنة بدء عملية طوفان الأقصى. لترد قوات الاحتلال بإعلان الحرب على المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس تحت مسمى عمليّة السُّيُوف الحديديَّة.

طوفان الأقصى 6 أشهر على العملية التي هزت كيان إسرائيل منذ نشأته

بدأت عملية طوفان الأقصى بإطلاق آلاف الصواريخ من قطاع غزة، وعبرت مجموعات من مقاتلي حماس الحدود والجدار الفاصل إلى داخل الكيان الإسرائيلي، حيث نجحوا في السيطرة على المنطقة وتدمير فرقة غزة التابعة للقوات الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1200 إسرائيلي خلال الهجوم المفاجئ، والذي وصفه المؤرخون والمحللون بأنه يوم تاريخي لا مثيل له.

تعرضت عدة مستوطنات في غلاف غزة لهجمات من قبل الحركة، مما أسفر عن مقتل عدد كبير من المستوطنين. حيث تمكن المقاتلون من عبور الجدار الفاصل باستخدام المظلات مدعومة بمراوح كبيرة للطيران، ونجحوا في أسر حوالي 250 مستوطناً، حيث تم نقلهم إلى غزة واحتجازهم في شبكة الأنفاق.

في نفس اليوم، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن ضربات جوية على قطاع غزة، وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، بدء حرب على الغزة، حيث بدأت الغارات الجوية بشكل عنيف ومدمر، وبعد عدة أسابيع، تقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقوات برية واجتاحت مدن شمال القطاع.

تم تشكيل مجلس حرب في إسرائيل بهدف تحقيق أهداف تتضمن القضاء على حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وإسقاط حكمها في غزة، إضافة إلى تحرير الأسرى. لكن بعد 6 أشهر من الحرب الدموية في غزة، لم تتحقق أية من هذه الأهداف، بل شهدت الحرب تدميراً كبيراً للبنية التحتية ومقتل عشرات آلاف المدنيين، مما أدى إلى نزوح آلاف السكان. وحتى الآن، لا يوجد مؤشرات على تحقيق وقف لإطلاق النار.

قتلى الحرب

وفقاً لتقرير وزارة الصحة في قطاع غزة، فقد فقد حوالي 33,000 فلسطيني حياتهم، وأُصيب حوالي 75,000 آخرين. وتشير الإحصائيات إلى أن غالبية الضحايا هم من النساء والأطفال.

في نفس السياق، لا يمكن التأكد من عدد مقاتلي حماس الذين قُتلوا في المعارك. على الجانب الآخر، وبحسب الإحصاءات الرسمية الإسرائيلية، منذ عملية طوفان الأقصى، تم الإبلاغ عن مصرع نحو 1500 إسرائيلي، بمن فيهم 605 عسكرياً، وتقديرات تشير إلى وجود حوالي 4000 جريح. ومع ذلك، هناك شكوك تحيط بدقة هذه الأرقام، حيث تُشير التقديرات غير الرسمية إلى وجود حوالي 11500 جريح، وتعتبر الأرقام التي تم الإعلان عنها بشكل رسمي متواضعة مقارنة بالحجم الفعلي للذين لقوا مصرعهم في المعارك.

ووفقا لتصريحات المتحدث العسكري لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، فإنه ليس كل الأسرى على قيد الحياة، حيث عثرت قوات الاحتلال على جثة أحدهم، والبالغ من العمر 47 عاما، في نهاية الأسبوع الماضي.

نزوح وتهجير

بعد معركة “طوفان الأقصى”، تصاعدت الأعمال العدائية في قطاع غزة مع ضربات عسكرية إسرائيلية جنونية ومدمرة، أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين وإصابة العشرات آلاف آخرين وتهجير مئات الآلاف من منازلهم.

وفي الأسابيع الأولى من الحرب، كانت المعارك أشد في شمال قطاع غزة. حيث أجبرت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مليون فلسطيني، إلى الفرار إلى وسط وجنوب قطاع غزة.

ومع توسيع الأعمال العدائية لقوات الاحتلال نحو الجنوب، اضطر الفلسطينيون مرة أخرى للفرار إلى أماكن أكثراً أمناً مثل المواصي، وهي منطقة ساحلية قرب رفح.

منطقة المواصي في رفح جنوب قطاع غزة
منطقة المواصي في رفح جنوب قطاع غزة

وجد النازحون أنفسهم بدون مأوى أو دعم، في ظل ظروف قاسية في مناطق قاحلة، حيث يعانون من نقص في المياه والغذاء، وغياب الطرق المعبدة والصرف الصحي. وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد بديل أفضل بالنسبة للكثيرين. من ناحية أخرى، رفضت الأمم المتحدة تسمية “المواصي” منطقة آمنة، نظراً لنقص الخدمات الأساسية والأمن، وقامت ببناء معسكر خيام للنازحين بدلاً من ذلك.

بالمجموع، هناك الآن 1.7 مليون فلسطيني يعيشون في حالة النزوح، من إجمالي سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون. يتواجد معظمهم الآن في وحول مدينة رفح الجنوبية، على الحدود مع مصر، حيث لا يُهربون فقط من المعارك، بل يتركون منازلهم أيضا بسبب تدميرها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

يزعم الجيش الإسرائيلي أن الهجمات تستهدف مقاتلي حماس وبنياتهم التحتية، ومع ذلك الواقع شيء مختلف، حيث لم تسلم المستشفيات والمدارس والمنظمات الإغاثية وحتى الصحفيين من الأعمال العدائية لقوات الاحتلال. فقد اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء في مدينة غزة عدة مرات، وتركته في حالة خراب كامل بعد نهاية آخر عملية اقتحام في بداية الأسبوع المنصرم.

المجاعة

تم استهداف مخازن الطعام والقوافل الإغاثية، وفي الأسبوع الماضي حيث هاجمت إسرائيل قافلة إغاثية تابعة للمطبخ العالمي، مما أدى إلى مقتل سبعة موظفين. منذ أكتوبر، قتل حوالي 200 عامل إغاثة في غزة وفقاً لتقارير الأمم المتحدة. وقال المندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة في جنيف: “إنه خلال ستة أشهر فقط من هذه الحرب، قتل عدد من عمال الإغاثة أكثر مما قتل في أي حرب أخرى في العصر الحديث”.

بعد الهجوم الأخير، قررت منظمة المطبخ العالمي ومنظمة إغاثة أخرى تعليق المساعدات إلى غزة. وفقًا لتقرير من الهيئة الدولية لمراقبة الأغذية (IPC)، يواجه سكان غزة خطر المجاعة، حيث يتخطى الفلسطينيون حدود الجوع يوميًا، ويُصنّف وضع الشمال الغزي ككارثي، مما يعني أن الناس يعانون بشكل فعلي من الجوع.

تواصل الدول والمنظمات الإغاثية جهودها لتوصيل المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة، حيث يتم إسقاط حزم الطعام من الجو، بينما وصلت سفينة بحمولة تبلغ 200 طن من المساعدات إلى غزة عبر البحر. ومع ذلك، فإن هذه الطرق تعتبر أقل فعالية من نقل المساعدات عبر المعابر البرية.

قبل اندلاع الحرب، كان هناك حاجة يومية لنحو 500 شاحنة لتوفير الغذاء والأدوية والوقود إلى القطاع المحاصر. ومنذ بدء النزاع، لم يتم تحقيق هذا العدد بالكاد، خاصة مع إغلاق معبر رفح البري بين مصر وقطاع غزة. مما دفع المنظمات الإغاثية إلى المطالبة بسماح إسرائيل بدخول مزيد من الطعام إلى قطاع غزة. وقد أمرت محكمة العدل الدولية بضمان وصول كميات كافية من المساعدات الإنسانية إلى هذه المنطقة.

قضية إبادة جماعية أمام محكمة العدل

بناءً على دعوى من جنوب أفريقيا، تدرس محكمة العدل الدولية في لاهاي مسألة ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة. في يناير، لم تستطع المحكمة الفصل في القضية بسبب مدة العملية القضائية المتوقعة والتي قد تستمر لسنوات. ومع ذلك، أصدرت المحكمة حكما مؤقتا يشير إلى وجود خطر الإبادة الجماعية في غزة وضرورة اتخاذ إسرائيل كافة الإجراءات الممكنة لمنع حدوثها.

وفي سياق آخر، دعت المحكمة حماس إلى الإفراج عن جميع “الرهائن”، على الرغم من عدم معرفة مصيرهم.

تواصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الهجوم في قطاع غزة، حيث تشهد مدينة خانيونس الجنوبية معارك شديدة، ويستعد الجيش لاقتحام مدينة رفح الحدودية. هذا أثار أسفا كبيرا بين الحلفاء الغربيين، الذين دعموا الحرب الإسرائيلية مع انطلاقها بشكل كامل تحت شعار “يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها”.

في الأسابيع الأخيرة، ازدادت المطالبات من الجانب الأمريكي والأوروبي بتسهيل دخول المساعدات إلى الأراضي المحتلة وتغيير خطط اقتحام رفح، وسط اتهامات من وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية أخرى لإسرائيل بحجب دخول المساعدات إلى القطاع، وتحذيرات من اقتراب كارثة إنسانية شديدة.

وفي حديث متناقض وصف الرئيس الأمريكي بايدن اقتحام رفح بأنه “خط أحمر”، لكنه سرعان ما تراجع عن ذلك قائلاً إنه لا يوجد خط أحمر، و”لن أتخلى عن إسرائيل قط”.

نظرا للضغط المتزايد، خاصة من الولايات المتحدة، تعهد مجلس الحرب الإسرائيلي بالسماح بمزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وتعهد بفتح نقطة تفتيش إضافية. ومع ذلك لا يمكن تأكيد كمية المساعدات الغذائية التي سيتم يُقدمها فعلاً لعدم وجود هيئات رقابة مستقلة.

الصحافة

لا يُسمح للصحفيين الأجانب بدخول غزة عبر إسرائيل إلا بشكل نادر. وفي حال سُمح لهم، يتم ذلك تحت إشراف من قوات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يُحدد ما يمكن للصحفيين رؤيته.

الحرب في غزة تعتبر خطيرة للغاية بالنسبة للصحفيين، حيث قتل حوالي 95 صحفيا وموظفا في وسائل الإعلام خلال 6 أشهر الماضية، وفقا لتقرير لجنة حماية الصحفيين. وفي الأشهر الأولى من الحرب، تعرض الصحفيون لهجمات بشكل خاص، حيث اتهمت منظمة مراسلون بلا حدود “الجيش الإسرائيلي” باستهداف الصحفيين بشكل مباشر.

المفاوضات

تجري حماس وإسرائيل محادثات منذ أشهر حول وقف إطلاق النار، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد. بسبب الفجوة الكبيرة بين مطالب كل طرف.

تسعى حماس إلى انسحاب كامل لقوات الاحتلال من غزة وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وتدعو إلى إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، خاصة أصحاب المحكوميات العالية. بالمقابل، تصر إسرائيل على إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيلين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية منذ عملية “طوفان الأقصى” دون شروط، وترفض الانسحاب الكامل أو وقف إطلاق النار بشكل دائم، معتبرة ذلك إعلاناً عن الهزيمة أمام حماس، كما يقول رئيس مجلس الحرب والوزراء نتنياهو.

وفي نهاية المقال نختتم بتغريدة على موقع “إكس” للكاتب الإسرائيلي آلون مزراحي الذي يقول إن ما يزداد وضوحا في هذه اللحظة الفريدة هو أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي وصفها بالحركة الفلسطينية الصغيرة، لم تهزم إسرائيل فحسب، بل هزمت الغرب بأكمله، وغيرت مسار التاريخ خلال الشهور الستة الماضية.

وعدد الكاتب الإسرائيلي من وجهة نظره بعض أوجه الانتصار الذي حققته حماس، قائلا إنها انتصرت في ميدان المعركة بقطاع غزة، وانتصرت في معركة كسب الرأي العام، واستفادت بشكل مذهل من قراءتها للعقلية الإسرائيلية، وتمكنت بالإضافة إلى ذلك من استخدام كل ما لديها من موارد بكفاءة عالية.

بعد مرور نصف عام من حدوث طوفان الأقصى، لا تزال حماس تظهر قدرتها على المواجهة والتصدي لقوات الاحتلال، وما زالت تحتجز عددا كبيرا من الأسرى. تم إطلاق سراح بعضهم في العام الماضي، لكن ما يزال هناك 134 أسيرا في قبضتها.

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات