العالم

اتفاق جديد في الاتحاد الأوروبي يقضي بتطبيق قواعد جديدة للهجرة واللجوء

بعد سنوات من المفاوضات، توصلت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي أخيرا إلى اتفاق حول مجموعة جديدة من القواعد للهجرة وطلب اللجوء. يأتي هذا الاتفاق كجزء من جهود أوروبية متواصلة لمواجهة التحديات المتعلقة بالهجرة واللجوء داخل الاتحاد.

تغييرات مهمة بـ قواعد الهجرة واللجوء في الاتحاد الأوروبي

وفقا للاتفاق الجديد، سيتم إخطار المهاجرين الذين يصلون إلى الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي ابتداءً من عام 2026 ما إذا كان بإمكانهم الدخول أم لا. ومن أبرز النقاط التي جاءت بهذا الاتفاق هي تطبيق إجراءات الحدود التي تشمل إجراءات سريعة لطالبي اللجوء القادمين من البلدان التي تعتبر نسبياً “آمنة”.

تتوخى هذه الإجراءات تقليص مدة الإجراءات إلى تسعة أشهر واحتجاز المهاجرين في مراكز خاصة بحرية الحركة خلال هذه الفترة. وفي حال عدم حصول طالب اللجوء على حق اللجوء، سيتم إعادته.

من الملاحظ أن الاتفاق يُستثنى منه الأطفال القاصرين الذين يسافرون بمفردهم ويُعطى الأولوية للأطفال القاصرين الذين يرافقهم أفراد عائلاتهم. وكان احتجاز الأطفال من بين النقاط المثيرة للجدل بالنسبة لعدد من أعضاء البرلمان الأوروبي الذين أشاروا إلى أن الأطفال لا يجب أن يكونوا تحت هذه القاعدة. هذا القرار أثار مخاوف منظمات حقوق الإنسان التي اعتبرته “مسألة غير إنسانية”.

بغية تنظيم العمليات بشكل فعّال وتحقيق فعالية أكبر، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تسريع إجراءات فحص المهاجرين. تتضمن هذه الجهود إجراءات مدتها سبعة أيام تهدف لتسجيل بصمات الأصابع والتقاط صور للوجوه، ويتم تخزين هذه البيانات في قاعدة بيانات تابعة للاتحاد الأوروبي. يحصل جميع الدول الأعضاء على وصول كامل إليها، مما يمكنها من التحقق مما إذا كان المهاجر قد تقدم بطلب لجوء في دول أوروبية أخرى.

الهدف من الإجراءات الجديدة هو تحسين عمليات التحقق والتسجيل لضمان أكبر فعالية في إدارة الهجرة واللجوء. بالإضافة إلى تقديم المساعدة بشكل أسرع لطالبي اللجوء ذوي الفرصة الجيدة وتفادي تعثر نظم اللجوء والاستقبال، ونتيجة لذلك، يتبع اللاجئون المعترف بهم الإجراءات القياسية والاعتيادية.

وفي تغيير مهم، يتيح الاتفاق لدول الاتحاد الأوروبي الآن اختيار الدفع للدول التي تشهد تدفقا عاليا لطالبي اللجوء أو اعتماد هؤلاء اللاجئين. وفي حال عدم اعتمادهم، يتعين على الدول الأعضاء دفع مبلغ مالي.

سابقا، كانت الدول المضيفة ملزمة بتفعيل إجراءات اللجوء للمهاجرين، لكن الآن تُتيح لدول الاتحاد الأوروبي الاختيار بين الدفع المالي أو الاعتماد. فبدلاً من الالتزام بتوفير المساعدة لطالبي اللجوء القادمين من بلدان مثل إيطاليا واليونان، حيث يكون معدل الهجرة مرتفعا، يُمكن للدول الأعضاء دفع مبلغ مالي يبلغ 20,000 يورو عن كل طالب لجوء غير معتمد بدلاً من ذلك.

ضغوط في استقبال اللاجئين

تأتي هذه الخطوات في سياق تصاعد الضغوط على دول الاتحاد الأوروبي الواجهة لتدفقات كبيرة من اللاجئين، وهو ما يشكل تحديا كبيرا للدول الأعضاء شمال أوروبا. يأتي هذا الاتفاق بعد سنوات من المناقشات والانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعامل مع أزمة الهجرة وتوزيع اللاجئين.

في العام الماضي، تعرّضت معظم دول الاتحاد الأوروبي لصعوبات في استقبال اللاجئين، حيث أضطر الناس في مناطق مثل تير أبيل في هولندا إلى النوم في الهواء الطلق بسبب نقص المساكن. هذه المشاكل تكررت أيضا في دول أوروبية أخرى مثل بلجيكا وفرنسا، حيث زادت الضغوطات على نظام اللجوء.

منذ أزمة اللاجئين في عام 2015، دارت المناقشات داخل الاتحاد الأوروبي حول الضرورة الماسّة لتغيير الأوضاع. تزايد الضغط على الدول الواقعة على الحدود الجنوبية للاتحاد مثل اليونان وإيطاليا، حيث يصل اللاجئون بكثرة، ما أدى إلى تراكم الضغوط على نظام استقبال وتسجيل اللاجئين.

وعلى الرغم من أن معظم اللاجئين لم يكونوا يختارون تلك البلدان كوجهة نهائية، إلا أن هذه الضغوطات انتقلت فيما بعد إلى الدول الشمالية للاتحاد الأوروبي. لكن زعماء الهجرة واللجوء في الاتحاد، البالغ عددهم 27، لم يستطيعوا التوصل إلى اتفاق يلبي استضافة وتوزيع وإعادة إرسال اللاجئين القادمين إلى أوروبا.

لم تهدأ المناقشات حول قضايا الهجرة داخل الاتحاد الأوروبي بعد، حيث تستمر التحفظات والخلافات. خاصة، بين ألمانيا وإيطاليا، حيث استمر الصراع المستمر بين البلدين لفترة طويلة. يُعتبر كلا البلدين أحد الأطراف الرئيسية التي يتوجب عليها التوصل لتوافق لتحقيق أغلبية في الاتفاقات المتعلقة بالهجرة داخل الاتحاد الأوروبي.

تعقَّد الوضع أكثر في البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء، خاصة عندما يتعلق الأمر بتوزيع طالبي اللجوء. استمرت المواقف المتباينة في تلك النقطة مما أثر على القدرة على تحقيق التوافق بشأن الخطط والسياسات المتعلقة بالهجرة.

على الرغم من التوصل إلى هذا الاتفاق، تبقى هناك مخاوف من جانب منظمات حقوق الإنسان بشأن إمكانية تحمل بعض الدول الأعباء الأكبر داخل هذا النظام الجديد، والذي من المرجح أن يضع ضغوطًا إضافية على دول مثل اليونان وإيطاليا ومالطا وإسبانيا.

يأتي هذا الاتفاق في وقت حساس، حيث يشهد الاتحاد الأوروبي تصاعدا في الضغوط الهجرة قبيل الانتخابات الأوروبية المقبلة، مما يبرز الحاجة الملحة للتوصل.

اترك تعليقاً

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات