رفض توظيف فتاة محجبة يثير الغضب في أوترخت والبائع يرفض التهم
شهدت مدينة أوترخت الهولندية حالة من الجدل والغضب بعد انتشار مقطع فيديو يظهر رفض فتاة للعمل في عربة لبيع الكعك الهولندي (أوليبولن) بسبب ارتدائها الحجاب. أثار المقطع غضبا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي، وتسبب في تلقي صاحب العربة تهديدات عديدة، مما سلط الضوء على قضايا التمييز، السلامة، وردود الأفعال المجتمعية المتباينة.
بداية القصة: فتاة تطمح للعمل وتواجه الرفض بسبب حجابها.. ولكن!
بدأت الحادثة عندما تقدمت فتاة تبلغ من العمر 15 عاما للعمل في عربة لبيع الكعك الهولندي الواقعة في ساحة بروكسلبلين بمنطقة لايدسه راين في أوترخت. وأثناء مقابلتها مع مالك العربة، ستيف رولواكس، سألها مباشرة عمّا إذا كانت ستخلع حجابها أثناء العمل. أوضحت الفتاة رغبتها في الاحتفاظ بحجابها، ليُعلمها رولواكس بعد ذلك بأنها لا يمكنها العمل في عربته.
صرح رولواكس لاحقا أن الرفض لم يكن بدوافع تمييزية، بل لدواعي السلامة المتعلقة بقواعد العمل في العربة. وأشار إلى حادثة سابقة احترق فيها حجاب موظفة أثناء العمل قرب سخان كهربائي، مؤكدا أن ارتداء الحجاب أو الملابس الفضفاضة قد يعرض الموظفين للخطر بسبب طبيعة المعدات المستخدمة، مثل العجانة والمحركات القوية.
رؤية الأم: صدمة وموقف داعم
عبرت والدة الفتاة عن استيائها من طريقة تعامل مالك العربة مع ابنتها، موضحة أن ابنتها كانت مستعدة للإجابة عن أسئلة متعلقة بمهاراتها وكفاءتها، لكنها فوجئت بأن السؤال الوحيد الذي وُجه إليها كان عن حجابها. قررت الأم التوجه إلى العربة لمواجهة الموقف وتسجيل المحادثة، ثم شاركت المقطع مع عائلتها وأصدقائها عبر تطبيق واتساب.
لكن المفاجأة الكبرى جاءت عندما انتشر الفيديو على منصات مثل تيك توك وفيسبوك، ليصبح حديث الساعة. رغم نيتها في دعم ابنتها ومواجهة التمييز، أكدت الأم أن انتشار الفيديو بشكل واسع لم يكن مقصودا.
تصعيد وردود أفعال واسعة
أدى انتشار الفيديو إلى تصاعد التوترات، حيث تلقى رولواكس مئات الرسائل التهديدية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وواتساب. وأعلنت الشرطة تكثيف دورياتها في محيط العربة لضمان السلامة. وأفاد رولواكس بأنه اضطر إلى تعطيل حساباته على إنستغرام وفيسبوك بسبب سيل من الرسائل المسيئة.
في المقابل، أوضح مجلس حقوق الإنسان أن رفض توظيف امرأة بسبب ارتدائها الحجاب يُعد تمييزا صريحا. ومع ذلك، أكد المجلس أنه لا يمكن التحقيق في الواقعة إلا بعد تقديم شكوى رسمية وإجراء تحقيق مفصل.
محاولة للحوار والتصالح
رغم حدة الموقف، أبدى رولواكس رغبته في إصلاح الأمور. وقال إنه يرغب في توظيف الفتاة إذا قبلت ارتداء غطاء رأس مرن يتماشى مع قواعد السلامة. كما أشار إلى أنه مستعد للاعتذار والتواصل مع المجتمع المسلم والتوجه إلى المسجد لتوضيح موقفه.
من جهتها، عبرت الأم عن صدمتها من التهديدات التي تلقاها صاحب العربة، مؤكدة أنها لا تريد أن يتعرض لأي أذى. وصرحت: “نحن نرفض التمييز، لكن لا يمكننا قبول الكراهية والتهديدات. هذا الرجل لديه عائلة ويحتاج إلى كسب رزقه.”
ختام: أمل في الحوار البناء
مع تصاعد الأحداث، تأمل الأطراف المعنية في إيجاد حل يرضي الجميع. أعربت الأم عن استعدادها للجلوس مع مالك العربة في حوار صريح وبناء لتجاوز الأزمة، قائلة: “بدون الاحتكاك لا يمكن الوصول إلى التفاهم. نحن مستعدون للحديث والمصالحة.”
تأتي هذه الحادثة لتبرز تحديات العيش المشترك في مجتمعات متنوعة، حيث يتداخل مفهوم السلامة المهنية مع قضايا الهوية والتمييز، مما يثير تساؤلات حول كيفية تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات في مثل هذه الحالات.