أخبار هولندااللجوء

خبراء يحذرون من ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم

تواجه خطة أحزاب التحالف الحاكم في هولندا، حزب الحرية (PVV) وحزب العقد الاجتماعي (NSC)، لإعلان أجزاء من سوريا مناطق آمنة، معارضة قانونية واسعة وتحذيرات من خبراء القانون والمجتمع الدولي. تهدف هذه الخطة إلى ترحيل المزيد من اللاجئين السوريين الذين يقيمون في هولندا، من خلال تصنيف بعض المناطق في سوريا كآمنة، رغم استمرار الحرب وعدم استقرار الأوضاع هناك.

توصلت الحكومة الهولندية إلى اتفاق بشأن اللجوء بعد مفاوضات طويلة بين الأحزاب الحاكمة، حيث اطلعت هيئة الإذاعة الهولندية (NOS) على تفاصيل الاتفاق. ينص الاتفاق على إعلان بعض المناطق السورية “آمنة” بحلول نهاية العام الجاري، ما يتيح ترحيل طالبي اللجوء السوريين الذين لم يحصلوا على إقامة دائمة. كما ينص على إمكانية النظر في إعادة السوريين الحاصلين على إقامات دائمة، وهو ما أثار قلقا واسعا بين الخبراء القانونيين.

تحذيرات قانونية ومخاوف حقوقية من ترحيل اللاجئين السوريين

وصفت أستاذة علم الاجتماع القانوني بجامعة رادبود، آشلي تيرلو، هذه الخطة بأنها “تفكير بالتمني”، مشيرة إلى أن سوريا ليست آمنة على الإطلاق. وأوضحت أن الرئيس السوري بشار الأسد لا يزال في السلطة، وهناك معارك وانتهاكات لحقوق الإنسان مستمرة، كما تدعم تقارير متعددة، بما في ذلك تقرير للأمم المتحدة صدر في مارس الماضي، هذه الحقائق حيث وصف التقرير الهجمات المستمرة على المدنيين وارتكاب جرائم حرب.

من جهته، قال غونزالو فارغاس يوسا، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، إن بعض السوريين لا يزالون يعيشون في ظروف تهدد حياتهم. وأضاف أن مستوى الأمان في سوريا يعتمد على عوامل متعددة مثل الانتماءات الشخصية والسياسية والتصرفات خلال العشر سنوات الماضية، مؤكدًا أن الوضع لا يختلف بشكل كبير بين المناطق المختلفة، ما يعني عدم وجود مناطق آمنة تمامًا أو غير آمنة بالكامل.

التبعات السياسية والقانونية

تأتي هذه الخطط في وقت يشكل فيه اللاجئون السوريون جزءا كبيرا من طلبات اللجوء في هولندا، حيث يمثل السوريون حوالي ثلث طلبات اللجوء المقدمة في العام الماضي. كما أن نسبة عالية من هذه الطلبات (حوالي 85%) يتم قبولها، مما يزيد من الضغط على الحكومة لإيجاد حلول للحد من تدفق اللاجئين.

إلى جانب طالبي اللجوء، يأتي أيضا أفراد عائلات اللاجئين الذين حصلوا على إقامات إلى هولندا. خلال السنوات الأربع الماضية، كان ثلثا هؤلاء الأفراد من سوريا، مما يزيد من تعقيد المسألة. في المقابل، تمت إعادة 760 شخصا هذا العام بمساعدة من “خدمة العودة والمغادرة”، وهو عدد أكبر مقارنة بالسنوات السابقة.

قوانين الاتحاد الأوروبي وقرارات المحاكم

أحد التحديات القانونية الكبرى التي تواجه هذه الخطة هو أن دول الاتحاد الأوروبي لها الحرية في تقرير ما إذا كانت ستصنف دولة معينة كدولة آمنة أم لا، وهو ما أدى إلى اختلاف السياسات بين الدول. في حين أعلنت الدنمارك بعض المناطق المحيطة بدمشق آمنة في عام 2021، تسعى دول أخرى مثل ألمانيا وإيطاليا والنمسا إلى اتخاذ خطوات مشابهة.

ومع ذلك، أصدرت محكمة العدل الأوروبية مؤخرًا حكمًا ينص على أنه لا يمكن اعتبار دولة ما “آمنة جزئيًا”، مما يعقد الخطط الهولندية. وقالت تيرلو: “الحكومات مسؤولة إذا حدث مكروه للأشخاص الذين يتم إعادتهم”. وحذرت من أن أي قرار بإعادة السوريين قد يواجه طعونًا قضائية قوية، قد تؤدي إلى إلغاء هذه القرارات في المحاكم.

مستقبل الخطة

يرى العديد من الخبراء، بمن فيهم مارك كلاسن، أستاذ القانون الأوروبي للهجرة بجامعة ليدن، أن تغيير وضع الأمان في سوريا يعتمد على تقييم شامل للوضع الأمني والحقوقي هناك. كما حذر كلاسن من أن إعادة السوريين الحاصلين على إقامات دائمة ستكون خطوة أكثر خطورة، مشيرا إلى أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا إذا حدث تحسن كبير وثابت في الوضع الأمني.

في الوقت نفسه، يتزايد القلق من أن ترحيل اللاجئين السوريين قد يؤدي إلى نتائج كارثية. سوريون يعيشون في هولندا، مثل شاويد ومصطفى، أعربوا عن مخاوفهم بشأن العودة، مشيرين إلى قصص لأشخاص عادوا إلى سوريا وتعرضوا للقتل فورا.

في حالة إعلان هولندا سوريا آمنة جزئيا وإعادة اللاجئين، فإن الحكومة ستكون مسؤولة عن أي عواقب قد يتعرض لها هؤلاء اللاجئون عند عودتهم، وفقا لآشلي تيرلو، وهو ما يثير المزيد من الجدل حول مدى واقعية هذه الخطة وإمكانية تنفيذها بشكل آمن وعادل.

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات