أمستردام تفيض بالسياح: أكثر من 23 مليون ليلة إقامة تتخطى الحد المسموح

شهدت مدينة أمستردام خلال العام الماضي ارتفاعا ملحوظا في عدد الليالي التي قضاها السياح، حيث بلغت 22.9 مليون ليلة، متجاوزة الحد الأقصى الذي حددته السلطات المحلية وهو 20 مليون ليلة سنويا.
وبحسب بيانات صادرة عن مكتب الإحصاءات المحلي “O&S”، فإن هذه الزيادة تمثل ارتفاعا بنسبة 3% مقارنة بعام 2023، مع توقعات بأن يتراوح عدد ليالي الإقامة السياحية هذا العام ما بين 23 و24.6 مليون ليلة. وتشير التقديرات إلى أن هذا الرقم قد يصل إلى نحو 28 مليون ليلة بحلول عام 2027.
ورغم هذه الأرقام المرتفعة، أبدى رئيس بلدية وسط المدينة، سفيان مباركي، تفاؤلا حذراً بشأن فاعلية الإجراءات التي بدأت المدينة في تنفيذها بهدف الحد من الضغوط السياحية. وأوضح أن زيادة ضريبة السياحة إلى 12.5% أسهمت بشكل واضح في تقليص عدد الحجوزات عبر المنصات الإلكترونية، حيث انخفض عدد الليالي المحجوزة من خلال هذه القنوات من 2.4 مليون إلى 1.11 مليون ليلة.
كما أشار مباركي إلى أن تقييد تأجير العقارات السياحية بدأ يؤتي ثماره، حيث تم تسجيل انخفاض بنسبة 25% في حركة السفن السياحية النهرية، في حين تم خفض عدد سفن الرحلات البحرية الكبيرة التي تزور المدينة سنويًا من 190 إلى 100 سفينة.
وفي تصريح لصحيفة بارول الهولندية، شدد مباركي على أن “الأرقام لا تزال مرتفعة، مما يستدعي استمرار الإجراءات التنظيمية”، مضيفا: “هدفنا لا يقتصر على تقليص أعداد السياح، بل أيضا على توزيعهم بشكل أكثر توازنًا والحفاظ على الطابع الفريد للمدينة”.
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن عدد أسرّة الفنادق في المدينة يبلغ حاليا نحو 92,000 سرير، ومن المتوقع زيادتها بنسبة تصل إلى 6% خلال الأعوام المقبلة، رغم أن المجلس البلدي فرض حظرا شاملا على أي مشاريع فندقية جديدة.
ورغم تجاوز الحد الرسمي، لا تزال أعداد الزوار أقل بنسبة 4% مقارنة بعام 2019، وهو العام الذي سبق جائحة كورونا. غير أن الزوار باتوا يقضون وقتًا أطول في المدينة، حيث ارتفع متوسط مدة الإقامة من ليلتين في عام 2019 إلى 2.28 ليلة في 2024. ويُعزى هذا الاتجاه جزئيا إلى انخفاض عدد الرحلات القصيرة المرتبطة بالأعمال، مع استبدالها باجتماعات عبر الإنترنت.
إجراءات قانونية مرتقبة
في تطور لافت، أعلنت مجموعة من سكان وسط المدينة عزمها اتخاذ إجراءات قانونية ضد المجلس البلدي، متهمين إياه بعدم الالتزام بالحد الذي تعهد به سابقا للحفاظ على عدد الليالي السياحية دون 20 مليون ليلة سنويا.
وردا على ذلك، صرّح مباركي بأنه بصدد تقديم رزمة جديدة من الإجراءات للحد من الزخم السياحي في المدينة، وذلك قبل حلول الأول من ديسمبر المقبل.
وعلى صعيد آخر، تعمل بلدية أمستردام أيضا على إدارة حركة زوار اليوم الواحد، الذين بلغ عددهم 26.7 مليون شخص في عام 2024، نحو 66% منهم قدموا من مناطق أخرى داخل هولندا، غالبًا بغرض التسوق أو زيارة المتاحف.
تجد أمستردام نفسها اليوم أمام تحدٍ معقد يتمثل في تحقيق توازن بين الفوائد الاقتصادية للسياحة وبين حماية نسيجها الحضري والثقافي. وبينما تحقق المدينة إيرادات هائلة من الزوار، فإن الضغوط على البنية التحتية وجودة حياة السكان المحليين دفعت السلطات إلى اتخاذ موقف أكثر حزما في إدارة هذا القطاع الحيوي.