البطيخ الفلسطيني يثير الجدل في البرلمان الهولندي
شهد البرلمان الهولندي مؤخرا جدلا حادا بعد أن اتهمت زعيمة حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية (VVD)، يسيليغوز، ذات الأصول الكردية التركية، زميلتها رئيسة حزب حقوق الحيوان، إستير أوفيهاند، بالعداء لليهود ودعم حماس. جاء هذا الاتهام بسبب تغريدة نشرتها أوفيهاند قبل جلسة البرلمان، حيث أعلنت نيتها توزيع قطع بطيخ على الحضور.
De @PartijvdDieren is klaar voor het debat van de APB en deelt meteen uit 😊🍉 pic.twitter.com/nX3e6ZgJZX
— Esther Ouwehand (@estherouwehand) September 18, 2024
في ردها السريع على الاتهام، أوضحت أوفيهاند أن يسيليغوز “تعلم جيدًا أن البطيخ يمثل رمزا للعلم الفلسطيني”، مؤكدة أن توزيع هذه الفاكهة هو تعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني. على الرغم من ذلك، تمسكت يسيليغوز بموقفها، مشيرة إلى أن هذا الفعل هو نوع من “صفير الكلب”، وهو مصطلح يُستخدم لوصف رمز أو تعبير يبدو بريئا ظاهريًا لكنه يحمل في طياته رسالة عدائية موجهة.
البطيخ: رمز فلسطيني تاريخي
من المؤكد أن البطيخ يحمل معانٍ رمزية قوية للشعب الفلسطيني. يعود هذا الرمز إلى فترة ما بعد حرب الأيام الستة عام 1967، عندما حظرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي رفع العلم الفلسطيني في المناطق المحتلة. وفي ظل هذا الحظر، لجأ الفلسطينيون إلى استخدام البطيخ كرمز مقاومة، نظرا لتطابق ألوانه مع ألوان العلم الفلسطيني: الأحمر (اللب)، الأخضر والأبيض (القشرة)، والأسود (البذور).
الفنان الفلسطيني الشهير، سليمان منصور، يروي قصة تعزز من رمزية البطيخ. ففي مقابلة مع قناة الجزيرة عام 2021، ذكر منصور أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي حاولت فرض الرقابة على معرضه الفني في رام الله عام 1980، ومنعته من استخدام ألوان العلم الفلسطيني في أعماله الفنية. عندما تساءل أحد الفنانين عما إذا كان مسموحا لهم رسم زهور بتلك الألوان، رد أحد الجنود بأن “حتى لو رسمتم بطيخة، سنقوم بمصادرتها”. هذا الحادث ساهم في ترسيخ مكانة البطيخ كرمز لمقاومة الاحتلال.
على الرغم من أن العلم الفلسطيني لم يعد محظورا بعد اتفاقية أوسلو عام 1993، إلا أن البطيخ استمر في الظهور كرمز للتضامن والمقاومة. ومن أشهر الأمثلة على استخدامه في الفنون هو العمل الفني “قصة البطيخ” لخالد حوراني، الذي قدم سلسلة مطبوعات للبطيخ في عام 2007 ضمن مشروع “الأطلس الذاتي لفلسطين” الذي أشرف عليه المصمم الهولندي أنيليس دي فيت.
البطيخ في وسائل التواصل الاجتماعي
في عام 2015، أُطلقت إيموجي البطيخ، والتي أصبحت منذ ذلك الحين تستخدم بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي. لاحظت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير نشر عام 2021 أن العديد من الفلسطينيين يستخدمون إيموجي البطيخ لتجاوز ما يعتقدون أنه نوع من الرقابة على منشوراتهم المؤيدة لفلسطين. وقال بعضهم إنهم لجأوا إلى هذا الرمز بعد أن لاحظوا أن منشوراتهم على منصة إنستغرام تُخفى أو يقل ظهورها بسبب ما يسمى “التظليل”، وهو إجراء يُعتقد أنه يُستخدم لإخفاء المنشورات الحساسة أو المثيرة للجدل.
على الرغم من أن هذه الادعاءات حول الرقابة لم يتم إثباتها رسميا، إلا أن المستخدمين ما زالوا يشكون من مشاكل في عرض منشوراتهم، خاصة في أوقات النزاعات المستمرة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
يعيد هذا الجدل إلى الأذهان النقاش الذي دار حول شعار “من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة”، والذي يرى فيه بعض النشطاء المؤيدين لفلسطين دعوة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، في حين يزعم مؤيدو الاحتلال الإسرائيلي وداعموهم أنه دعوة للقضاء على ”إسرائيل”.