العالم

الفقر يهدد الملايين في أوروبا مع موجة غير مسبوقة من غلاء الأسعار

تعيش أوروبا منذ أشهر، على وقع موجة غلاء حادة وغير مسبوقة في أسعار السلع والمنتجات حيث تئن أوروبا تحت أسوأ موجة غلاء منذ 3 عقود، وسط تحذيرات من انخفاض حاد في القدرة الشرائية للمواطنينفي ظل تسجيل معدلات تضخم خطيرة أدخلت الملايين منهم تحت عتبة الفقر.

وتجاوزت نسبة التضخم في منطقة اليورو أكثر من 5% مع بداية العام الحالي، وهو أعلى معدل للقارة الأوروبية منذ 30 عاما، وحسب توقعات المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جينتيلوني، فإن نسبة التضخم سوف تستمر في الارتفاع في المنطقة الأوروبية إلى نهاية الصيف، في ظل أزمة التوريد وارتفاع أسعار الغاز، ويضاف إليها الآن الأزمة الأوكرانية وشبح الحرب الذي سيسبب أزمة عالمية يصفها البعض بالكارثية.

وحسب جينتيلوني، فإن نسبة التضخم ستبقى فوق نسبة 3% خلال الربع الثالث من العالم الحالي، قبل أن تتراجع إلى 2.1% في الربع الأخير من سنة 2022، مع الأخذ بالحسبان عدم حدوث حرب روسية أوكرانية مع تراجع أسعار الطاقة بحلول فصل الربيع.

ويتوقع رئيس البنك الهولندي المركزي، كلاس كنوت، أن يستمر معدل التضخم بالارتفاع حتى عام 2023. بينما يشير البنك المركزي البريطاني إلى سيناريو أكثر تشاؤما، حيث أكد أن نسبة التضخم لن تعود إلى مستوى 2% إلا بحلول سنة 2024.

ما هي أسباب التضخم الاقتصادي؟

ساهمت عوامل كثيرة في التضخم الذي يعاني منه العالم عموما وأوروبا خصوصا، من بينها وباء كورونا وارتفاع أسعار الطاقة، وبشكل عام التضخم له أسباب متعددة وطبيعية، وأحيانا بعض الأسباب قد تكون مفاجئة وخارجة عن إرادة البشر، لكن أبرز العوامل المسببة له هي:

  • ارتفاع الطلب أو انخفاض الإنتاج، ما يؤدي إلى خلق فجوة في الأسواق ينجم عنها ارتفاع الأسعار.
  • ارتفاع المعروض النقدي أو حجم الأموال المتداولة بين الناس، حيث يدفعهم ذلك إلى إنفاق المزيد.
  • الزيادة في تكلفة إنتاج بعض السلع يؤدي أيضا إلى ارتفاع سعر المنتج النهائي.
  • قد يرفع المنتجون الأسعار لتغطية الزيادة المتوقعة في أجور العمال الراغبين في مواجهة تزايد تكلفة المعيشة، وهذا يفاقم معدل التضخم.
  • يمكن للكوارث الطبيعية التي تقلل من الإنتاج المعروض أن تتسبب في التضخم.
  • ارتفاع أسعار المنتجات العالمية، مثل النفط أو الغذاء، قد ينعكس على التضخم داخل الدول المستوردة.
  • تلعب التوقعات دورا رئيسيا في تحديد التضخم، فإذا توقع الناس أو الشركات أسعارا أعلى، فإنهم يبنون على هذه التوقعات خلال مفاوضات الأجور وعقود الإيجار، وهذا يسبب التضخم.

الفقر يهدد الملايين

تظهر أرقام مكتب “يورو ستات” (Euro stat) للإحصائيات التابع للمفوضية الأوروبية أن 35 مليون مواطن أوروبي لم يعودوا قادرين على دفع فاتورة التدفئة في منازلهم، وأن هؤلاء بات عليهم الاختيار بين شراء الأكل أو دفع فاتورة الغاز، وتظهر الأرقام نفسها أن ربع السكان في دولة مثل بلغاريا باتوا غير قادرين على توفير التدفئة لمنازلهم.

وبسبب موجة الغلاء هذه فإن 15 مليون أوروبي يستفيدون من بنك الأغذية التابع لصندوق المساعدات الأوروبية، وهو رقم لم يتم تسجيله منذ أكثر من عقدين. وتظهر أرقام المفوضية الأوروبية أن هذا الوضع ساهم في زيادة عدد الأوروبيين المهددين بالنزول تحت خط الفقر، في اليونان مثلا بات 7 ملايين مواطن مهددين بشبح الفقر، وهو الرقم نفسه المسجل في ليتوانيا، فيما يرتفع إلى 11 مليونا في بلغاريا.

أما في الدول الغنية مثل ألمانيا فإن حوالي 3.5 ملايين ألماني باتوا معرضين لخطر الفقر، وفي فرنسا 2.1 مليون مواطن، وفي إيطاليا أكثر من 5 ملايين مواطن يلاحقهم شبح الفقر، و4.6 ملايين في إسبانيا.

دعم حكومي عاجل

ومع ارتفاع نسبة التضخم مدفوعة بارتفاع تكاليف الطاقة بات هذا الملف رئيسياً على طاولة الحكومات الأوروبية، حيث تحاول التخفيف من أثاره و عواقبه، فأعلنت هولندا عن دعم أصحاب الدخل المنخفض والذين باتوا يواجهوا مشاكل جدية و عدم قدرتهم على دفع تكاليف فواتير الطاقة، بمبلغ 200 يورو بالإضافة إلى خفض ضرائب الطاقة لتوفير حوالي 400 لصالح جيوب السكان.

وأعلنت بريطانيا أنها سوف تقوم بإعفاء المواطنين الذين يؤدون الضريبة على السكن بحوالي 220 دولارا، حتى يتمكنوا من مواجهة الارتفاع المرتقب في فاتورة الطاقة.

أما في فرنسا فقد أعلنت الحكومة أنها تفكر في إعفاء 80% من المنازل الفرنسية من الضريبة على السكن، والإبقاء عليها فقط للفئة الغنية التي تشكل 20% من الفرنسيين، وسيتم تطبيق هذا القرار على مراحل.

بدورها، تدرس الحكومة الألمانية إقرار تسهيلات على فواتير الطاقة والضريبة على القيمة المضافة، وإصدار مساعدات فورية للأسر الفقيرة.

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات