اقتصاد

سياسة الهجرة الجديدة وتقليص العمالة الأجنبية يهدد الاقتصاد الهولندي

تقليص العمالة الأجنبية في هولندا: ضربة محتملة للاقتصاد

تواجه هولندا تحديات اقتصادية محتملة نتيجة الإجراءات الحكومية الجديدة التي تهدف إلى تقييد الهجرة وتقليص أعداد العمال الأجانب القادمين إلى البلاد. وفقا لأحدث تقرير صادر عن “مؤشر الابتكار الهولندي”، فإن هذه التدابير قد تؤدي إلى تأثيرات كبيرة على سوق العمل، وقد تدفع بعض الشركات إلى نقل جزء من عملياتها إلى الخارج.

تشير البيانات إلى أن الشركات التي ستتأثر بالقيود على توظيف الأجانب، سواء من داخل الاتحاد الأوروبي أو من خارجه، ستسعى جاهدة لتعويض هذا النقص عبر توظيف العمال الهولنديين، وتحسين كفاءة الطاقة، وإعادة تدريب موظفيها الحاليين. ومع ذلك، أشار حوالي 25% من الشركات إلى أنها قد تضطر إلى نقل جزء من إنتاجها إلى دول أخرى، في حين أن نسبة مماثلة قد تضطر إلى تقليص حجم الإنتاج.

وتُظهر المؤشرات أن الشركات التي تعتمد بشكل أكبر على العمالة ذات المهارات المنخفضة قد تلجأ إلى الأتمتة وتوظيف المزيد من العمال الهولنديين، بينما تميل الشركات التي تعتمد على العمالة الأجنبية ذات المهارات العالية إلى التفكير في نقل بعض عمليات الإنتاج إلى الخارج.

وفي ضوء هذه التحولات، تبرز الأهمية المتزايدة للعمالة الأجنبية في هولندا؛ حيث تمتلك حوالي نصف الشركات الهولندية على الأقل موظفا أجنبيا واحدا ضمن طاقمها. وفي الوقت نفسه، تخطط الحكومة الجديدة لفرض قواعد أكثر صرامة على دخول المواطنين غير الأوروبيين إلى البلاد بتأشيرات العمالة ذات المهارات العالية، كما تعمل على تقليل أعداد الطلاب الدوليين.

وقد أعرب أرباب العمل في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الدولية عن قلقهم من تأثير هذه القواعد الجديدة على عملياتهم. وذكر مسؤولون في شركات كبرى مثل “Boskalis” و”ASML” أن هذه التغييرات قد تضطرهم إلى نقل جزء من أنشطتهم إلى الخارج.

من جهة أخرى، دعا اقتصاديون ورئيس مفتشية العمل الحكومية إلى إعادة النظر في السياسات الاقتصادية للهولندا بهدف تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية ذات المهارات المنخفضة. وقد تعرضت بعض القطاعات مثل الزراعة، واللوجستيات، وصناعة اللحوم، لانتقادات بسبب مساهمتها المحدودة في الاقتصاد واعتمادها الكبير على العمالة الرخيصة.

وصرح الباحث جيرديين ميجرينك من مكتب التخطيط المركزي (CPB) لصحيفة “بارول” في أبريل الماضي أن تأثير السياسات الاقتصادية الحكومية على أعداد العمال المهاجرين أكبر مما كان يُعتقد. وقال: “عند الحديث عن الهجرة، لا يمكن فصلها عن السياسات الاقتصادية. حتى الآن، على سبيل المثال، تركز المناقشات حول الحد من الهجرة بشكل أساسي على التدابير القانونية وضوابط الحدود”.

في ظل التحديات الاقتصادية التي قد تنجم عن تقليص العمالة الأجنبية، تجد هولندا نفسها أمام ضرورة إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والهجرية. بينما تسعى الحكومة لتحقيق توازن بين مصالحها الوطنية ومتطلبات سوق العمل، يبقى الحوار المفتوح مع القطاع الخاص ضروريا لتجنب تداعيات سلبية قد تؤثر على الاقتصاد على المدى الطويل. في نهاية المطاف، ستكون القرارات التي تُتخذ في هذا الصدد حاسمة في رسم مستقبل الاقتصاد الهولندي ومدى قدرته على التكيف مع التغيرات العالمية.

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات