العالم

حزب البديل من أجل ألمانيا يسعى ليصبح القوة السياسية الأكبر في البلاد

يشهد حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) موجة صعود قوية قبيل الانتخابات البرلمانية المرتقبة، مع توقعات بتحقيقه نتائج غير مسبوقة. في استطلاعات الرأي الأخيرة، حصد الحزب اليميني المتطرف حوالي 20% من نوايا التصويت، ما يعادل ضعف ما حصل عليه في انتخابات عام 2021. وبينما ظل نفوذه تقليديا قويا في شرق البلاد، يطمح الحزب الآن إلى ترسيخ وجوده في الغرب أيضا.

دعم جماهيري متزايد
في تجمع انتخابي بمدينة كوسيل في ولاية راينلاند، استُقبلت زعيمة الحزب أليس فايدل بحفاوة كبيرة، وسط هتافات أنصارها الذين رددوا “أليس لأجل ألمانيا!” و”نحبك!”. ورغم محاولتها إلقاء خطابها، قاطعها الحاضرون مرارا بحماسهم.

وتسعى قيادة الحزب إلى كسر الهيمنة التقليدية للأحزاب الكبرى في مناطق الغرب. في دائرة كايزرسلاوترن، التي يهيمن عليها “الحزب الديمقراطي الاجتماعي” (SPD) منذ ستة عقود، يطمح مرشح الحزب سيباستيان مونتسناير إلى تحقيق انتصار تاريخي، قائلا: “هدفنا أن تصبح هذه أول دائرة انتخابية في الغرب نفوز بها”.

تحولات سياسية وناخبون محبطون
يُعزى نجاح الحزب في شرق ألمانيا عادة إلى الأوضاع الاقتصادية المتراجعة والإرث السياسي لجمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة (DDR). لكن مونتسناير يرى أن هذه الخلفية منحت سكان الشرق قدرة أكبر على “قراءة ما بين السطور”، مؤكدا أن المواطنين هناك يدركون أن الإعلام “منحاز”، وأن أجهزة الأمن الداخلي تعمل بطريقة مشابهة لـ”الشرطة السرية” في العهد الشيوعي.

ويركز الحزب في حملاته على قضايا تهم الناخبين في جميع أنحاء البلاد، أبرزها الهجرة والأوضاع الاقتصادية وخيبة الأمل في الأحزاب التقليدية. في التجمع الانتخابي في كوسيل، امتلأت القاعة بمؤيدين من مختلف الفئات، بينهم عمال وممرضون وعسكريون، كثير منهم كانوا سابقا من ناخبي الحزب الديمقراطي الاجتماعي.

عقبات أمام التحالفات السياسية
ورغم صعوده السريع، لا تزال الأحزاب الأخرى ترفض التعاون مع حزب البديل بسبب تصنيفه كحزب يميني متطرف من قبل أجهزة الأمن. فقد تورطت بعض فروع الحزب في ترويج نظريات عنصرية، والتقليل من شأن الهولوكوست، وإقامة علاقات مع جماعات نازية جديدة. ورغم محاولات الحزب لجذب شريحة واسعة من الناخبين من خلال برنامجه الانتخابي، إلا أن قيادته لم تتخذ خطوات كافية للنأي بنفسها عن العناصر الأكثر تطرفًا داخله.

في المقابل، يحاول الحزب استقطاب فئات مختلفة، مثل المعارضين لسياسات كورونا، والمؤيدين لروسيا، والمواطنين القلقين من احتمال اندلاع حرب. كما أدى الدعم غير المباشر من بعض الجهات السياسية الأمريكية إلى تخفيف حدة الجدل حول الحزب داخل ألمانيا.

هل يقترب الحزب من السلطة؟
مع اقتراب موعد الانتخابات، تتزايد التكهنات حول مستقبل الحزب في المشهد السياسي الألماني. ففي الوقت الذي يرفض فيه حزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” (CDU) بقيادة فريدريش ميرتس أي تعاون مع حزب البديل، بدأت بعض الأحزاب المحافظة في تبني مواقف أكثر تشددًا بشأن الهجرة، وهو ما يرى فيه قادة البديل دليلًا على تأثيرهم المتنامي.

وتسعى قيادة الحزب إلى تحقيق نفوذ سياسي لا يمكن تجاهله. يقول تينو تشروبالا، الرئيس المشارك لحزب البديل: “علينا أن نصبح أقوياء لدرجة أنه لا يمكن تشكيل حكومة بدوننا”. ويستشهد الحزب بتجربة “حزب الحرية” الهولندي (PVV) كمثال على إمكانية كسر العزلة السياسية بمرور الوقت.

في حال فشل حزب البديل في الوصول إلى السلطة هذه المرة، فإن استراتيجيته تتركز على تعزيز موقعه داخل المعارضة، على أمل استقطاب المزيد من الناخبين المحبطين من الأحزاب التقليدية، مما قد يمهد الطريق أمامه للوصول إلى الحكم في المستقبل.

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات