أخبار هولندا

أكثر من نصف السوريين في هولندا يعملون ولكن يعانون من عزلة اجتماعية

تعتبر هولندا وجهة هامة للكثير من اللاجئين السوريين الذين هربوا من الصراع المدمر في بلادهم منذ عام 2011. تقدم هذه البلاد لهؤلاء اللاجئين فرصة لإعادة بناء حياتهم والاندماج في المجتمع الهولندي. إلا أن الاندماج والبحث عن فرص عمل ليست مهمة سهلة، وهذا ما كشفت عنه دراسة أجرتها وحدة البحث العلمي التابعة لوزارة العدل في هولندا.

دراسة تكشف عن واقع المهاجرين السوريين في هولندا

في دراسة أجرتها هيئة البحوث العلمية في وزارة العدل الهولندية “WODC”، تبين أن أكثر من نصف السوريين الذين وصلوا إلى هولندا بين عامي 2014 و2016 يعملون ولكن يعانون من نقص التواصل الاجتماعي والوحدة الاجتماعية.

وتشير الدراسة إلى أن هولندا أصبحت موطنا لحوالي 150,000 سوري، حيث يمتلك 32% منهم مؤهلات تعليمية عالية. ووجدت الدراسة أن حوالي 55% من هؤلاء السوريين يعملون في وظائف مأجورة، وغالبا في وظائف ذات أجور منخفضة في مجالات النقل والضيافة أو وظائف أخرى لا تتناسب مع مستوى تعليمهم.

الدراسة شملت نحو 3,000 سوري الذين هاجروا إلى هولندا بين عامي 2014 و2016، وتناولت مدى اندماجهم في المجتمع الهولندي في ثلاث فترات مختلفة بين عامي 2017 و2022.

وفيما يتعلق بالعوامل الاقتصادية، أشارت الدراسة إلى أن معظم السوريين يواجهون صعوبات مالية، حيث لديهم موارد مالية محدودة لمواجهة الحالات الطارئة. وبلغت نسبة الذين يمتلكون مدخرات تزيد عن 1,300 يورو فقط 18% منهم، بينما تصل هذه النسبة إلى 84% في حالة السكان العامة.

وبالنسبة للباحثين عن عمل، أظهرت الدراسة أن بعض السوريين يجدون صعوبة في الحصول على وظائف أو يواجهون مشكلات في مزاولة مهنهم الأصلية. على سبيل المثال، ذكر الجراح بلال الرفاج (35 عاما)، أب لثلاثة أولاد ولدوا جميعهم في هولندا، هاجر من سوريا في عام 2016، أنه على الرغم من تقديم المئات من الطلبات للحصول على فرص عمل وتدريبات، إلا أنه لم يجد فرصة. وقال إن الجهات المختصة غالبا تطلب منه الحصول على شهادة هولندية واكتساب خبرة في مجال العمل في مستشفى هولندي.

بالنسبة للآخرين، تحويل الدبلوم لم يعد خياراً بالنسبة للمهندس الإنشائي نزار قرقوط البالغ من العمر 65 عامًا. وصل إلى هولندا عندما كان عمره 58 عامًا، وقضى عامين في مركز للجوء في أرنهيم حيث عمل في مجال اللغة. بعدما حصل على منزل، بدأ في تلقي دروس اللغة في جامعة ليدن، واستغرق ذلك وقتا طويلاً. وفجأة وبعد عامين فقط، بلغ عمره 62 عاما. بالنسبة له، الدراسة لم تعد خيارا ممكنا، حيث سيكون الحصول على قرض أو منحة أمرًا مكلفًا وسيتوقف تدفق الفوائد أيضًا. قام بتدريب داخلي كمصمم تدفئة، لكنه لم يتمكن من الاستمرار لأنه كان من الصعب التعود على نظام التقييس الهولندي في وقت قصير.

وفي محاولة لتحسين وضعهم المهني، يعمل العديد من السوريين على توثيق شهاداتهم، حيث أشارت الدراسة إلى أن حوالي 60% منهم يسعون لهذا الغرض. ورغم التحديات، إلا أن الأشخاص الذين قاموا بتوثيق شهاداتهم عبروا عن إيجابية تجاه النتائج.

وأظهرت الدراسة أن الزمن اللازم لتجاوز العقبات التكاملية يؤدي إلى زيادة العزل الاجتماعي والوحدة، حيث يشعر بعض المشاركين بنقص في انخفاض عزيمتهم للحفاظ على العلاقات الاجتماعية بسبب قلة الآفاق لتحسين وضعهم.

الحالة النفسية

نسبة متزايدة من السوريين في هولندا يصنفون حالتهم النفسية كمتوسطة أو سيئة، وبالمقارنة مع السكان العامين، يعاني ثلاثة أضعاف السوريين من تدهور نفسي. بالإضافة إلى ذلك، يشعر حوالي واحد من كل ثلاثة سوريين في هولندا بضغط نفسي كبير، ويعزو ذلك أساسا إلى قضايا مالية بالإضافة إلى العمل والصحة.

هناك فارق كبير بين السوريين ذوي التعليم العالي وأولئك الذين لديهم تعليم أقل. الشبان السوريين ذوو التعليم العالي يتكيفون بشكل أفضل مع المجتمع في مختلف المجالات، بما في ذلك إتقان اللغة والمشاركة في العمل والاستفادة من صحة أفضل.

على العكس من ذلك، يبقى الأشخاص الذين استقروا في هولندا بعد سن الخامسة وأولئك ذوو التعليم الأقل في مجموعات مختلفة متأخرين بشكل كبير في مجموعة متنوعة من المجالات، ولا يبدو أن الأمور تتحسن بشكل كبير. ومشابهة لما حدث مع مجموعات اللاجئين السابقة، هناك مخاطرة مرة أخرى بأن جزءا كبيرا من السوريين في هولندا، حتى في فترات اقتصادية جيدة، قد يبقون على هامش المجتمع.

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات