أخبار هولندا

اندماج تاريخي: حزب العمال وحزب الخضر يصوتان لتأسيس حزب موحّد

في خطوة تاريخية تعكس تحوّلا كبيرا في الخارطة السياسية الهولندية، صوّت أعضاء حزب العمال (PvdA) وحزب الخضر (GL) بأغلبية ساحقة لصالح الاندماج الكامل بين الحزبين، تمهيدا لتأسيس حزب سياسي جديد من المقرر الإعلان عنه رسميًا في عام 2026.

وأظهرت نتائج الاستفتاء الإلكتروني، الذي أُجري بين أعضاء الحزبين، أن 88% من أعضاء حزب العمال و89% من أعضاء حزب الخضر أيدوا الاندماج، ما يمهّد الطريق لتشكيل حزب تقدمي موحّد يحمل رؤية مشتركة لمستقبل أكثر عدالة واستدامة في هولندا.

انتخابات أكتوبر بقائمة وبرنامج موحّدين

على الرغم من أن الكيان السياسي الجديد لن يكون جاهزا بشكل رسمي قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، فقد وافق أعضاء الحزبين على خوض انتخابات مجلس النواب، المقررة في 29 أكتوبر 2025، بقائمة انتخابية وبرنامج سياسي موحد. وحظيت هذه الخطوة بدعم واسع، إذ وافق عليها نحو 95% من أعضاء “GL” و94% من أعضاء “PvdA”.

وكان الحزبان قد خاضا الانتخابات البرلمانية الماضية في عام 2023 بتحالف انتخابي بقيادة السياسي المخضرم فرانس تيمرمانس، وأسفر ذلك عن فوزهما المشترك بـ25 مقعدا في البرلمان، محققين مكسبا قدره ثمانية مقاعد مقارنة بالانتخابات السابقة.

ويُتوقع أن يتولى تيمرمانس مجددا قيادة القائمة الموحدة، رغم أن عملية الترشح لا تزال مفتوحة أمام شخصيات أخرى، وفقًا للوائح الداخلية للحزبين.

توجه أيديولوجي مشترك: التضامن والعدالة والبيئة

جاء في البيان المشترك الذي أطلق مع الاستفتاء أن الحزب الجديد “يؤمن بقوة التضامن، وبالقدرة على تحقيق إنجازات أكبر من خلال التكاتف”، مؤكدا أن “الاتحاد بين الحزبين سيمكن من توفير مساكن ميسورة التكلفة، وتعزيز الخدمات العامة، وضمان أجور عادلة، والعمل من أجل مستقبل أخضر وآمن لهولندا”.

وكان تيمرمانس قد دعا في الأشهر الأخيرة إلى سلسلة من المبادرات الاجتماعية، منها رفع الأجور لحوالي 8 ملايين هولندي، ووضع أسس جديدة لما وصفه بـ”دولة رعاية اجتماعية حديثة”.

معارضة داخلية وتحفظات بارزة

ورغم التأييد الواسع، لم تمر عملية الاندماج دون انتقادات ومعارضة داخلية، خاصة من جانب بعض أعضاء حزب العمال الذين يخشون من ضياع الهوية الاجتماعية الديمقراطية للحزب.

وقد شكّلت مجموعة من القيادات السابقة، من بينهم رئيسة البرلمان السابقة خيردي فيربيت والزعيم السابق للحزب آدل ميلكيرت، تحالفا معارضا تحت اسم “رود فوراوت” (Rood Vooruit) لمناهضة الاندماج.

كما ظهرت مجموعة معارضة أخرى تُدعى “لينكس بوفن” (LinksBoven)، تضم مئات الأعضاء من كلا الحزبين، عبّروا عن قلقهم من أن يؤدي الدمج إلى تمييع الصوت اليساري الحقيقي داخل الساحة السياسية الهولندية.

خطوة نحو اليسار الموحّد؟

يرى مراقبون أن هذا الاندماج قد يشكل نقطة تحول مفصلية في السياسات اليسارية بهولندا، وفرصة لإعادة بناء ثقة الناخب التقدمي. ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، يبقى السؤال الأهم: هل ينجح الحزب الجديد في تشكيل قوة يسارية موحّدة قادرة على التأثير فعليا في الحكم؟

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات