تقرير الخارجية الهولندية: الوضع الأمني في سوريا لا يزال هشا ومجزأ

في تقرير رسمي صدر مؤخرا عن وزارة الخارجية الهولندية، كُشف النقاب عن صورة قاتمة للوضع الأمني في سوريا، وُصِف فيها الوضع بأنه “غير مستقر” و”هش للغاية”، ما يضع علامات استفهام جدية حول سلامة إعادة طالبي اللجوء السوريين إلى بلادهم في الوقت الراهن.
ووفقاً لما جاء في التقرير، فإن البلاد لا تزال تشهد “صراعات مسلحة مختلفة ونشطة”، رغم سقوط نظام بشار الأسد. كما يتناول التقرير نشاط الجماعات المسلحة في سوريا، ويذكر من بينها جماعة تقوم بتجنيد القاصرين والشباب للقتال في صفوفها.
تقرير منتظر يكشف هشاشة الاستقرار والوضع الأمني في سوريا: تقرير رسمي هولندي يسلّط الضوء على الواقع الميداني بعد سقوط نظام الأسد
التقرير، الذي يُعد من أكثر التقارير المنتظرة من قبل صانعي القرار واللاجئين السوريين على حد سواء، يقدّم تحليلاً شاملاً للأوضاع الأمنية والإنسانية في سوريا حتى أبريل 2025. ويشير التقرير إلى أن العنف لا يزال سائدا في العديد من المناطق، رغم مغادرة بشار الأسد للبلاد في ديسمبر الماضي، في أعقاب انهيار نظامه الديكتاتوري.
وبحسب التقرير، فإن مستويات العنف تختلف بشكل كبير من منطقة إلى أخرى، بل ومن حي إلى آخر داخل المدن، مما يجعل تقييم الوضع الأمني معقدا ومتغيرا باستمرار. ووفقا للموظفين المعنيين، فإن الوضع يوصف بأنه “متقلب بشدة” و”مجزأ بدرجة كبيرة”، حيث لا يمكن الحديث عن حالة أمنية موحدة على مستوى البلاد.
دمشق “آمنة نسبيا”… لكن يجب الحذر
على الرغم من أن العاصمة دمشق وُصِفت بأنها “آمنة نسبيًا” مقارنة بباقي المناطق، إلا أن التقرير حذّر من أن هذه السلامة ليست مطلقة، بل هي “هشة” وقابلة للتغير. في المقابل، يشير التقرير إلى أن أجزاء من محافظات حمص وحماة، وبعض المناطق الحدودية، إضافة إلى جنوب سوريا، تعاني من أوضاع “هشة للغاية” أو “معقدة” من الناحية الأمنية.
ويؤكد التقرير استمرار وجود تنظيم “داعش” في مناطق من غرب سوريا، كما يشير إلى الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من الجنوب الغربي، وتنفيذه ضربات جوية متكررة داخل الأراضي السورية، مما يفاقم من تعقيد المشهد الأمني.
بالإضافة إلى ذلك، يتطرق التقرير إلى أوضاع حقوق الإنسان، لا سيما ما يتعلق بالأقليات الدينية مثل المسيحيين، والفلسطينيين المقيمين في سوريا، موثقاً التحديات والانتهاكات التي يواجهونها.
الجدل السياسي حول إعادة اللاجئين
أثار التقرير نقاشا سياسيا حادا داخل البرلمان الهولندي، حيث يدفع البعض، وعلى رأسهم زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف، غيرت فيلدرز، باتجاه إعادة اللاجئين السوريين، مستندا إلى فكرة أن سوريا أصبحت “آمنة بما يكفي”. في المقابل، تصر جهات أخرى على ضرورة الاستناد إلى التقارير الرسمية للوزارة قبل اتخاذ أي خطوات تتعلق بإعادة اللاجئين.
وكانت الوزيرة السابقة للهجرة واللجوء، مارولين فابر، قد صرّحت في مارس الماضي بأن سوريا أصبحت “آمنة جدًا”، مشيرة إلى أن عشرات السوريين قد عادوا طوعًا إلى بلدهم. غير أن التقرير الأخير يناقض هذا التصريح، ويؤكد أن الأوضاع لا تزال خطرة في كثير من المناطق.
تحفظات حكومية على نشر التقرير
يُذكر أن الحكومة الهولندية، التي أعلنت استقالتها مؤخراً، كانت تنوي إبقاء التقرير سريا، كما ورد في اتفاق المبادئ الحكومي لعام 2024. إلا أن المحكمة الإدارية في مدينة روموند أصدرت حكما يقضي بوجوب نشره استنادًا إلى قانون الشفافية، وهو ما دفع وزارة الخارجية لنشره رسميا مساء الجمعة الماضية.
ويغطي التقرير، الذي يمتد على 164 صفحة، عدة جوانب حساسة تتعلق بسوريا، من بينها الوضع الأمني، ظروف المعيشة، حالة حقوق الإنسان، ومدى توفر الحماية القانونية في البلاد.
تداعيات على مصير الآلاف
حاليًا، ينتظر نحو 15,000 طالب لجوء سوري في هولندا صدور قرار بشأن طلباتهم، فيما توجد حوالي 30,000 طلب لمّ شمل لم تُبت بعد. ويُقدر عدد السوريين المقيمين في هولندا بحوالي 160,000 شخص، منهم 380 عادوا طوعًا في إطار برنامج إعادة تابع للوزارة.
أهم النقاط الواردة في تقرير وزارة الخارجية الهولندية حول الوضع في سوريا
إليك أهم النقاط الواردة في تقرير وزارة الخارجية الهولندية حول الوضع الأمني في سوريا، مرتبة بشكل واضح وموجز:
🟢 1. التقييم العام للوضع الأمني
- الوضع الأمني في سوريا غير مستقر، هش، ومجزأ.
- لا يمكن إصدار حكم عام حول ما إذا كانت سوريا “آمنة” أو “غير آمنة”.
- تختلف مستويات العنف والأمن بشكل كبير من منطقة لأخرى، بل ومن حي لآخر في نفس المدينة.
🟠 2. المناطق بحسب تقييم الأمان
- دمشق: وُصفت بأنها “آمنة نسبيًا” مقارنة بباقي البلاد، لكن وضعها لا يزال “هشًا”.
- محافظات مثل حمص، حماة، المناطق الحدودية، وجنوب سوريا: الوضع فيها “هش جدًا” أو “معقد”.
- غرب سوريا: لا يزال تنظيم داعش نشطًا.
- جنوب غرب سوريا: جزء منها تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل تنفيذ ضربات جوية.
🔴 3. انعكاسات على قرارات اللجوء
- التقرير له تأثير كبير على قضايا اللجوء الخاصة بـ:
- أكثر من 15,000 طالب لجوء سوري بانتظار قرار في هولندا.
- نحو 30,000 طلب لمّ شمل عالق.
- تحديد ما إذا كان اللاجئون يمكن إعادتهم يعتمد على تقييم الأمن في سوريا.
⚖️ 4. الجدل السياسي في هولندا
- وزيرة الهجرة السابقة قالت إن “سوريا أصبحت آمنة”، بناءً على عودة طوعية محدودة.
- زعيم حزب الحرية (PVV) دعا لإعادة السوريين فورًا.
- أحزاب أخرى أصرت على انتظار التقرير الرسمي قبل اتخاذ قرارات بشأن العودة.
📄 5. محاولة الحكومة إبقاء التقرير سريا
- الحكومة السابقة خططت لإبقاء التقرير سريا.
- محكمة روموند قضت بضرورة نشره استنادا إلى قانون الشفافية.
- التقرير نُشر مساء الجمعة بعد حكم قضائي.
📚 6. محتوى التقرير
- يتكون من 164 صفحة.
- يغطي الجوانب التالية:
- الوضع الأمني
- ظروف المعيشة
- وضع حقوق الإنسان
- الحماية القانونية في سوريا
يؤكد التقرير أن الحديث عن “سوريا الآمنة” لا يستند إلى معطيات واقعية دقيقة، بل يتناقض مع تقييم شامل ومعمق أجرته الجهات المختصة. وعليه، فإن أي قرار سياسي يتعلق بإعادة السوريين يجب أن يراعي هشاشة الواقع الأمني، وتعقيد المشهد الميداني الذي لا يزال بعيدًا عن الاستقرار المنشود.