اقتصاد

البرلمان الهولندي يسعى لحظر “الدفع الآجل” في المتاجر

يشهد البرلمان الهولندي جدلا واسعا حول استخدام نظام “الدفع الآجل” أو الدفع لاحقاً في المتاجر، وسط مخاوف من تفاقم مشكلة الديون بين المستهلكين. يأتي ذلك بعد إعلان شركات مثل ”Klarna” و”Adyen” عن رغبتهما في توسيع خدمات الدفع الآجل، التي تستخدم عادة في التسوق عبر الإنترنت، لتشمل أجهزة الدفع الآلي في المتاجر الفعلية. هذه الخطوة أثارت قلق البرلمان والجهة الرقابية المالية الهولندية “هيئة الأسواق المالية” (AFM).

تراكم الديون وانعدام الرقابة
خدمة “الدفع لاحقا” تتيح للمستهلكين شراء السلع دون الحاجة لدفع ثمنها فورا، على أن يتم تسديد المبلغ في غضون ثلاثة أشهر. ورغم أن هذا النظام يُعتبر نوعا من الاقتراض، إلا أن الشركات المقدمة لهذه الخدمة لا تخضع للقواعد الصارمة التي تُفرض عادة على مؤسسات الإقراض، مثل ضرورة التحقق من قدرة العميل على السداد.

تين فان دير فيلدن، مدير فريق القروض في هيئة الأسواق المالية، عبّر عن قلقه قائلاً: “لا يوجد أي اختبار لتحديد ما إذا كان القرض مناسبا للشخص”. وأضاف: “إذا استخدمت الدفع لاحقا مرة، قد لا يكون لديك نظرة واضحة على ديونك المتراكمة. هذه العادة في الاقتراض بشكل متكرر تثير مخاوفنا”.

الشباب ومشكلة الديون
ورغم أن الحد الأدنى للسن لاستخدام خيار الدفع الآجل هو 18 عاما، إلا أن الإحصائيات تظهر أن الشباب يستخدمون هذه الخدمة بشكل واسع. وفي عام 2023، تم إجراء حوالي 600 ألف عملية دفع لاحق من قبل أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاما، بقيمة متوسطها 50 يورو لكل عملية. يتم تنفيذ معظم هذه المعاملات في متاجر الملابس، حيث يُغري هذا النظام المستهلكين بشراء السلع دون دفع فوري، ما يزيد من احتمالات تراكم الديون.

مخاطر الدفع الآجل في المتاجر الفعلية

تشير هيئة الأسواق المالية إلى أن خيار الدفع لاحقا في المتاجر الفعلية يُعد أكثر خطورة من المتاجر الإلكترونية. يقول فان دير فيلدن: “في التسوق عبر الإنترنت، يختار العملاء الدفع لاحقًا غالبًا لأنهم يريدون تجربة المنتج أولا. أما في المتاجر الفعلية، فإن الضغط المالي يكون السبب الرئيسي لاختيار هذا الخيار، ما يساهم في زيادة المخاطر المالية للمستهلكين”.

دعوات للحظر
أثارت هذه القضية أيضا قلق المستشارة البلدية في أوترخت، ليندا فورتمن، التي دعت المتاجر إلى عدم تقديم خيار “الدفع لاحقًا”. وأشارت إلى أن الشباب، على وجه الخصوص، يجدون صعوبة في مقاومة إغراء شراء سلع لا يستطيعون تحمل تكلفتها الفورية، مما يزيد من احتمالية تعرضهم للديون. وقالت: “علينا حماية الناس من أنفسهم ومن الوقوع في دوامة الديون”.

بعض المتاجر، مثل سلسلة ”H&M”، تقدم بالفعل خيار الدفع الآجل، ولكن يتطلب الأمر تسجيل دخول عبر الإنترنت أثناء وجود العميل في المتجر. أما الإضافة الجديدة، التي تتمثل في إمكانية الدفع الآجل عبر أجهزة الدفع الآلي، فمن المتوقع أن تكون أكثر انتشارا، مما يتيح للمتاجر قرار المشاركة أو عدمه.

تشديد القوانين الأوروبية

بموجب قوانين أوروبية جديدة ستدخل حيز التنفيذ في نوفمبر 2026، ستخضع خدمات ”الدفع الآجل” لقواعد أكثر صرامة وسيتم مراقبتها عن كثب من قبل هيئة الأسواق المالية. لكن المستشارة فورتمن دعت إلى تسريع تطبيق هذه الإجراءات، مؤكدة أن “المجتمع يعمل بجد لمنع تراكم الديون على المواطنين، ولا ينبغي أن نزيد من تفاقم هذه المشكلة بهذه الطريقة”.

وفي استجابة لهذه المخاوف، أقر البرلمان الهولندي بالإجماع اقتراحًا يدعو إلى حظر خدمة الدفع لاحقًا في المتاجر الفعلية. ومن المتوقع أن يقدم وزير الدولة لشؤون الحماية القانونية، تون سترويكن، رده على هذا المقترح في منتصف نوفمبر المقبل.

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات