هولندا تنتقد إسرائيل بلهجة غير مسبوقة: الحصار ينتهك الاتفاقيات الدولية

في خطوة سياسية لافتة، أعلن وزير الخارجية الهولندي فيلدكامب أن استمرار الحصار الإنساني الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية المنصوص عليها في الاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي. وصرّح فيلدكامب أن هولندا ستدفع باتجاه فتح تحقيق أوروبي رسمي حول مدى التزام إسرائيل بهذه الاتفاقيات، مؤكداً أن بلاده ستستعمل حق النقض (الفيتو) لعرقلة أي تجديد أو تمديد لخطة العمل الأوروبية-الإسرائيلية إلى حين ظهور نتائج هذا التحقيق.
وقال الوزير في تصريح لهيئة الإذاعة الهولندية “إن أو إس” : «الحصار يتعارض مع القانون الإنساني الدولي. من حق أي دولة الدفاع عن نفسها، لكن مبدأ التناسب غائب تماماً الآن. لقد بلغنا نقطة فاصلة: نريد إرسال رسالة سياسية واضحة لإسرائيل بأن هذا الوضع لم يعد مقبولاً».
تصريحات حاسمة وموقف متشدد
يشير فيلدكامب بوضوح إلى القرار الأخير للحكومة الإسرائيلية بتوسيع عملياتها العسكرية في غزة، إضافة إلى تصريحات بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية الذين طالبوا بإعادة احتلال القطاع أو حتى تدميره بالكامل. ورغم الإعلان عن إنشاء نظام إغاثي جديد لغزة، يرى الوزير الهولندي أن هذا النظام لا يلبي المبادئ الإنسانية الأساسية المتعلقة بالحياد وعدم الانحياز والاستقلالية. جاء ذلك في رسالة رسمية وجهها إلى كايا كالاس، رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي.
وأكد فيلدكامب أيضاً في رسالته أن حركة حماس مطالبة بالإفراج الفوري عن جميع الرهائن، مشدداً على أن لا مكان لحماس في أي هيكلية سياسية مستقبلية لقطاع غزة.
تحول في الموقف الأوروبي
بحسب كيسيا هيكستر، مراسلة الاتحاد الأوروبي، فإن هذه الخطوة تمثل تحولاً واضحًا في السياسة الهولندية داخل الإطار الأوروبي. إذ تجري حالياً مفاوضات حساسة حول تجديد خطة العمل التي تشكل أساس اتفاقية التعاون السياسي والاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهي اتفاقية كان يُفترض تجديدها منذ يناير الماضي. وأوضح فيلدكامب أن هولندا لن تواصل المفاوضات قبل أن يثبت التحقيق الأوروبي التزام إسرائيل بشروط الاتفاق المتعلقة بحقوق الإنسان.
وأضافت هيكستر: «في الواقع، يمكن لهولندا وحدها أن توقف هذه المفاوضات، مما يوجه رسالة سياسية قوية لإسرائيل ولشركائها الأوروبيين: من وجهة نظر هولندا، لقد بلغنا الحد الأقصى».
تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية
لم يأتِ هذا الموقف من فراغ؛ فالأسابيع الماضية شهدت تصاعدا في الضغط على الحكومة الهولندية لاتخاذ خطوات أكثر صرامة. ففي مارس الماضي، صوّتت أغلبية البرلمان الهولندي لصالح مقترح يدعو إلى التحقيق في الاتفاقية مع إسرائيل، كما طالبت خمس منظمات إغاثية كبرى الحكومة الهولندية قبل شهر باتخاذ إجراءات ملموسة لدفع إسرائيل نحو تغيير سياساتها.
ويقرّ فيلدكامب بأن القنوات الدبلوماسية السرية كانت حتى وقت قريب أفضل وسيلة لمحاولة إطلاق سراح الرهائن وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. لكنه أشار إلى أن احتمالية التوصل إلى وقف لإطلاق النار باتت ضئيلة للغاية، قائلاً: «ألاحظ من خلال اتصالاتي أن حكومة نتنياهو تتبنى الآن مسارًا سياسيًا مختلفًا».
من جهة أخرى، سارع زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف (PVV)، المعادي للإسلام والمسلمين، خيرت فيلدرز، إلى مهاجمة موقف الوزير عبر منصة “X”، واصفا إياه بـ«الوزير الضعيف الذي يختار جانب المتظاهرين المناهضين لإسرائيل». وردّ فيلدكامب على هذه التصريحات قائلاً: «النائب فيلدرز يختار كلماته الخاصة، وهذا كان متوقعا. لكن الحكومة، التي تضم أيضا وزراء من حزب الحرية، تتحدث بصوت واحد عندما يتعلق الأمر بإسرائيل».
Zwakke minister kiest de kant van anti-Israël demonstranten. https://t.co/9vpDhXfUH3
— Geert Wilders (@geertwilderspvv) May 7, 2025