توقف الدعم العسكري الأمريكي يهدد الدفاع الجوي في أوكرانيا

يواجه الدفاع الجوي الأوكراني خطرا كبيرا مع توقف المساعدات العسكرية الأمريكية، مما قد يؤثر بشكل مباشر على قدرة البلاد على التصدي للهجمات الروسية المتزايدة. ويؤكد الخبراء أن غياب الدعم الأمريكي، وخاصة أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، قد يجعل المدن والوحدات العسكرية الأوكرانية عرضة لهجمات مكثفة، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير موازين الحرب.
تداعيات توقف المساعدات العسكرية
بحسب باتريك بولدر، المستشار الاستراتيجي في مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية (HCSS)، فإن قرار الإدارة الأمريكية بوقف تزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية سيكون له تأثير كبير على الوضع الميداني. فعلى الرغم من أن أوكرانيا أصبحت أقل اعتمادا على الولايات المتحدة مقارنة بالعام الماضي، إلا أن استمرار توقف الإمدادات لمدة طويلة قد يؤدي إلى نفاد مخزونها العسكري.
ويشير تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز إلى أن أوكرانيا لا تزال قادرة على تعويض نقص الأسلحة الأمريكية لفترة قصيرة، لكن إذا استمر التوقف لأشهر، فستبدأ المخزونات بالنفاد، مما سيضعف قدرتها على الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الروسية المتصاعدة.
إحباط أوكراني وتصاعد التوترات مع واشنطن
يشعر الأوكرانيون بالإحباط من الموقف الأمريكي، خاصة مع عدم إدراك الرئيس دونالد ترامب، بحسب المراسل كريستيان باووي، أن أوكرانيا تسعى بجدية لتحقيق السلام. ويعتبر تعليق الدعم العسكري بمثابة ضربة جديدة للعلاقات بين أوكرانيا والولايات المتحدة، خاصة بعد التوتر الذي شهده الاجتماع الأخير بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، والذي انتهى بمواجهة علنية وضعت زيلينسكي في موقف صعب.
الدفاع الجوي في خطر
من أبرز الجوانب المتضررة من القرار الأمريكي هو الدفاع الجوي الأوكراني، إذ يعتمد بشكل كبير على الأنظمة الغربية المتطورة مثل منظومة باتريوت. ويؤكد بولدر أن هذه الأنظمة ضرورية لصد الهجمات الجوية الروسية، التي ازدادت وتيرتها في الأشهر الأخيرة. وأضاف: “أوكرانيا أصبحت معتمدة بشكل كبير على هذه الأنظمة، وإذا لم تتمكن من الحصول على مزيد من الصواريخ لاعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ الروسية، فإن مدنها ووحداتها العسكرية ستصبح هدفًا سهلًا، مما قد يؤدي إلى خسارتها الحرب”.
رسالة سلبية للحلفاء
قرار الولايات المتحدة بإيقاف المساعدات العسكرية يرسل إشارة سلبية إلى حلفائها، خاصة للدول التي كانت تعتبر نفسها قريبة من واشنطن. ويعتقد بولدر أن الدول الأوروبية تحاول سد الفجوة التي تركتها الولايات المتحدة، لكنها قد تبدأ في الاحتفاظ بمعداتها العسكرية لنفسها بدلاً من إرسالها إلى أوكرانيا، في حال استمرت الولايات المتحدة في التراجع عن التزاماتها الأمنية.
وقدمت هولندا في عام 2023 أنظمة باتريوت لأوكرانيا، وهي فعالة للغاية في التصدي للصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، لكن عددها محدود. وعلى الرغم من أن هولندا طلبت المزيد من هذه الأنظمة من الولايات المتحدة، فإن عملية التسليم قد تستغرق وقتا طويلاً، ما يجعل أوكرانيا تواجه تحديات كبيرة في الفترة القادمة.
تصعيد روسي متزايد
في الوقت الذي تعاني فيه أوكرانيا من نقص في أنظمة الدفاع الجوي، تواصل روسيا تصعيد هجماتها الجوية. ويرى بولدر أن هذا التصعيد يأتي نتيجة لاعتقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الولايات المتحدة لم تعد تدعم أوكرانيا بالشكل الكافي. وأضاف: “بوتين لا يحتاج إلى إثبات حسن النية، على عكس زيلينسكي، الذي يُطالب بإظهار التزامه بالسلام”.
تداعيات على الولايات المتحدة وأوروبا
في ظل هذه التحديات، تحتاج الدول الأوروبية إلى زيادة إنفاقها الدفاعي بمقدار 800 مليار يورو لتعزيز قدراتها العسكرية، وفقًا لخطة قدمتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. ويحذر الخبراء من أن سقوط أوكرانيا قد يفتح الباب أمام روسيا للتوسع أكثر في أوروبا، مما يشكل تهديدا مباشرا للقارة بأكملها، وليس فقط لأوكرانيا.
ويشير مسؤول في البيت الأبيض إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يعيد النظر في قرار تعليق المساعدات إذا تأكد أن أوكرانيا تبذل “جهودا حقيقية” للتفاوض مع روسيا. ومع ذلك، تبقى الشكوك قائمة حول ما إذا كان ذلك سيحدث في الوقت المناسب لإنقاذ أوكرانيا من التهديدات المتزايدة.