هولندا تُغلق أبوابها بوجه اللاجئين السوريين: “لم يعد لديهم ما يبحثون عنه هنا”

تشهد سياسة اللجوء في هولندا تحولاً جذرياً بعد إعلان الحكومة الهولندية اعتبار سوريا بلداً آمناً، ما أدى إلى تراجع كبير في قبول طلبات اللجوء المقدمة من السوريين. وتشير أحدث الأرقام الصادرة عن دائرة الهجرة والتجنيس الهولندية إلى رفض نحو 85% من الطلبات منذ يونيو/حزيران الماضي، مقارنة بالعام السابق حين حصل أكثر من 85% من طالبي اللجوء السوريين على قرارات إيجابية.
تغيير جذري في سياسة اللجوء الهولندية تجاه السوريين
منذ أن صنفت الحكومة السورية “بلداً آمناً بما يكفي”، أصبحت فرص السوريين في الحصول على تصريح إقامة في هولندا شبه معدومة. وتوضح دائرة الهجرة والتجنيس أن أكثر من 17 ألف طلب لجوء سوري لا تزال قيد المعالجة، بعضها يعود إلى طالبي لجوء يعيشون في مراكز الإيواء منذ سنوات.
وقد تم تعليق معالجة هذه الملفات لمدة ستة أشهر بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول من العام 2024، وهو الحدث الذي اعتبرته الحكومة مؤشراً على تحسن الوضع الأمني في سوريا.
برنامج العودة الطوعية: مكافآت مالية للمغادرين
ضمن سياستها الجديدة، تسعى الحكومة الهولندية إلى تشجيع السوريين على العودة الطوعية إلى بلادهم من خلال ما يعرف بـ”مكافأة العودة”. وبحسب وزير اللجوء والهجرة في حكومة تصريف الأعمال، ديفيد فان فيل، (عن حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية)، يحصل البالغون على 5,000 يورو، بينما يحصل الأطفال على 2,500 يورو في حال قرروا العودة إلى سوريا.
وأكد فان فيل أن السوريين الراغبين في الاستفادة من هذا البرنامج يجب أن يتنازلوا عن طلبات اللجوء أو تصاريح الإقامة الحالية، وفقاً لقرار مجلس الوزراء.
تقييم جديد للوضع الأمني في سوريا
صرّح متحدث باسم دائرة الهجرة والتجنيس الهولندية أن “الوضع أصبح أكثر أماناً في معظم مناطق سوريا، وبالتالي أصبح من الصعب على المتقدمين الجدد الحصول على تصريح إقامة”.
وتُطبق هذه السياسة أيضاً على الطلبات المقدمة قبل سقوط النظام السوري، ما يعني أن آلاف السوريين الذين ينتظرون قرارات بشأن ملفاتهم قد يواجهون الرفض خلال الفترة المقبلة.
القرار النهائي بيد القضاء الهولندي
على الرغم من هذا التوجه الحكومي، يبقى القرار النهائي بشأن اعتبار سوريا بلداً آمناً بيد المحاكم الهولندية.
ويرى عدد من محامي قضايا اللجوء أن دائرة الهجرة والتجنيس تحاول رفض أكبر عدد ممكن من الطلبات، على أن تترك للقضاء مهمة تحديد مدى قانونية تلك القرارات.
وأكدت الدائرة أنها لا تستطيع الجزم بعد بما إذا كانت قرارات الرفض ستصمد أمام القضاء، قائلة:
“علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كانت السياسة الجديدة توفر أسباباً قانونية كافية للرفض.”
جدل حول استقرار الوضع في سوريا
من جانبه، أوضح الوزير فان فيل أن السياسة المعدلة تستند إلى “تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد”، مشيراً إلى أنه لم يعد هناك ما يبرر افتراض أن جميع السوريين معرضون للخطر.
وفي المقابل، فإن منظمات حقوق الإنسان ومحامين مختصين باللجوء يؤكدون أن الوضع في سوريا ما زال هشاً وغير مستقر، وأن العودة قد تشكل خطراً حقيقياً على حياة العديد من اللاجئين، خاصة في ظل استمرار الاعتقالات والانتهاكات في بعض المناطق.







