أخبار هولندا

مساجد هولندا تتلقى تهديدات ورسائل الكراهية؟

تشهد مدينة روتردام الهولندية في الآونة الأخيرة تصاعداً في حوادث رسائل الكراهية الموجهة للمساجد، وهو ما يعكس مناخاً متوتراً يتنامى في المجتمع الهولندي تجاه المسلمين. وبينما اختارت بعض المساجد الحديث عن هذه التهديدات علناً، فضّلت أخرى التحفظ والصمت، في خطوة أثارت تساؤلات كثيرة حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الموقف.


تصاعد رسائل الكراهية ضد المساجد في روتردام

بدأت سلسلة الحوادث في شهر سبتمبر الماضي، عندما تلقى مسجد آيا صوفيا رسالة كراهية، تبعتها بعد أسبوع رسائل مماثلة إلى مسجد السلام وكوجاتيبي ومولانا. ووفقاً لتقارير محلية، فإن بعض هذه الرسائل كانت ملطخة بالدماء وتحمل تهديدات صريحة.

ورغم خطورة الموقف، امتنعت غالبية المساجد عن الإدلاء بتصريحات علنية. إلا أن مركز مسجد دي ميدن فيخ (De Middenweg) في شمال روتردام قرر كسر الصمت ومناقشة القضية بشفافية، مؤكدًا أن “الكراهية أصبحت أكبر من التسامح الذي ميز المجتمع الهولندي لعقود طويلة”.


لماذا تصمت المساجد أمام التهديدات؟

يقول مؤسسا مركز دي ميدن فيخ، يعقوب وستيفاني فان دير بلوم، إنهم تلقوا على مر السنين عشرات الرسائل التي تتراوح بين الانتقاد العنيف والإهانة المباشرة، حتى أصبحوا “قادرين على ملء بطاقة بنغو” منها.

وأوضح يعقوب أن بعض الرسائل تهدف إلى إثارة الانقسام بين المواطنين، وأن الصمت أحياناً يكون وسيلة فعالة لتفويت الفرصة على من يسعون إلى نشر الكراهية. ومع ذلك، تشير ستيفاني إلى أن هذا الصمت قد يحمل مخاطرة أخرى، موضحة:

“عندما نصمت طويلاً، نخاطر بتطبيع الكراهية وجعلها أمراً عادياً في المجتمع.”


أثر الكراهية على المسلمين والمجتمع المحلي

تقول المتطوعة في المركز سميرة صابر إن الرسائل تولد شعورًا بعدم الأمان، خاصة في ظل وجود الأطفال داخل المساجد. وتضيف:

“الأمر يشبه الاختراق. مجرد أن هناك من يفكر في إرسال رسالة كراهية يعني أن الكراهية أصبحت عميقة ومتجذرة.”

من جانبه، عبّر الإمام محمد عبد اللهي عن قلقه من التدهور الأخلاقي في المجتمع الهولندي، قائلاً:

“المجتمع الذي كان ينظر بعضه إلى بعض بمحبة وتسامح، بدأ يتفكك. الكراهية اليوم أصبحت أكبر من التعايش.”


الإسلاموفوبيا والسياسة: علاقة متوترة منذ عقدين

يرى مسؤولو المساجد أن الخطاب السياسي الهولندي لعب دوراً رئيسياً في تأجيج الخوف من الإسلام، مشيرين إلى أن سياسيين استمروا لعشرين عاماً في نشر الإسلاموفوبيا وجعل المسلمين هدفاً للريبة.
ويقول يعقوب:

“بعد عقدين من الخطاب المحرض، أصبح الخوف من الإسلام جزءًا من الثقافة العامة في بعض فئات المجتمع.”


ثقة مستمرة في الشرطة والبلدية

رغم ذلك، تؤكد المساجد وجود علاقات جيدة مع الشرطة والسلطات المحلية. حيث أوضحت ستيفاني أن التواصل مع ضباط الحي والبلدية كان دائماً بناءً، وأن الشرطة في روتردام تتابع القضية بجدية.
وأصدرت الشرطة بياناً أكدت فيه أنها “تعمل ضمن الأطر القانونية لاتخاذ الإجراءات المناسبة وضمان سلامة المجتمع الإسلامي.”


كيف تواجه المساجد التهديدات؟

تتعامل المساجد مع التهديدات بأسلوب مزدوج يجمع بين الانفتاح والحوار والحذر الأمني.
يقول الإمام عبد اللهي:

“نحاول شرح الإسلام بطريقة بسيطة للآخرين، ونفتح أبواب المسجد للحوار مع من يختلف معنا. الحوار هو السبيل الوحيد لتبديد الكراهية.”


بين الخوف والأمل

تعكس حوادث رسائل الكراهية في روتردام واقعاً صعباً يعيشه المسلمون في أوروبا، لكنّها في الوقت نفسه تبرز أهمية الحوار والوعي المجتمعي. فبينما يختار البعض الصمت حمايةً لأنفسهم، يرى آخرون أن الانفتاح والمصارحة هما الطريق نحو مجتمع أكثر تسامحًا وتفاهماً.

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات