البرلمان الهولندي يناقش قوانين اللجوء في جلسة عاصفة والنتائج غير محسومة

بدأ البرلمان الهولندي اليوم جلسة مناقشة مطوّلة وحاسمة بشأن قوانين اللجوء المثيرة للجدل، وسط انقسام سياسي حادّ وغموض يكتنف نتائج التصويت. هذه القوانين، التي كانت من أبرز أولويات الحكومة السابقة، قد تحدد مستقبل سياسة الهجرة واللجوء في هولندا.
قوانين اللجوء الجديدة: بين التشديد والتأجيل
تشمل القوانين المعروضة مقترحات لتقليص فرص لمّ شمل الأسر لطالبي اللجوء، وإلغاء تصاريح الإقامة الدائمة، وهو ما لاقى دعما قويا سابقا من حزب الحرية اليميني المتطرف (PVV) بقيادة خيرت فيلدرز. ومع ذلك، فإن المواقف داخل البرلمان تغيرت، وأصبح من غير المؤكد ما إذا كان حزب فيلدرز نفسه سيواصل دعم هذه القوانين.
الحكومة الحالية، رغم كونها لتصريف الأعمال (مستقيلة)، تسعى لتمرير القوانين عبر دعم برلماني أوسع. إلا أن تحقيق الأغلبية في مجلس الشيوخ ما زال يتطلب توافقا مع أحزاب مثل النداء المسيحي الديمقراطي “CDA”، مما يضع الحكومة في موقف صعب سياسيا.
المسيحي الديمقراطي “CDA” يدعو لتأجيل التنفيذ وربط القوانين بالاتفاق الأوروبي
طالب زعيم حزب النداء المسيحي الديمقراطي، هنري بونتنبال، بتعديل القوانين لتصبح أكثر قابلية للتطبيق، واقترح تأجيل تنفيذها إلى حين تفعيل ميثاق الهجرة الأوروبي، الذي ينص على تعزيز الرقابة على حدود الاتحاد الأوروبي وتوزيع طالبي اللجوء بشكل عادل بين الدول الأعضاء.
كما أيدت مصلحة الهجرة والتجنيس (IND) هذا التوجه، محذّرة من صعوبة تطبيق القوانين الجديدة دفعة واحدة في ظل الضغوط التي تواجهها.
في المقابل، هاجم فيلدرز هذا الاقتراح بشدة، واصفا بونتنبال بـ”الضعيف”، محذرا من أن التأجيل سيحوّل القوانين إلى “نصوص بلا أنياب”.
لعبة سياسية تُخيّم على البرلمان
مع اقتراب الانتخابات، يرى العديد من المراقبين أن الجلسة تحولت إلى ساحة لصراع سياسي أكثر من كونها مناقشة موضوعية. وتخشى الأحزاب الحكومية أن يعارض حزب الحرية المشاريع لإفشال جهودها، بينما تتهم المعارضة الحكومة بأنها لم تعد ملتزمة بتمرير القوانين أصلًا.
الأحزاب المعارضة، مثل الديمقراطي “D66“، شككت في جدوى القوانين، مشيرة إلى تقارير مجلس الدولة التي وصفتها بأنها صعبة التنفيذ ومحدودة التأثير.
في الأفق: تعديلات متعددة وصوت الحسم مؤجل
يتوقع النواب تقديم أكثر من خمسين تعديلا (تغييرا قانونيا)، تتضمن مقترحات لتخفيف أو تشديد بعض البنود. على سبيل المثال، اقترحت النائبة رايكوفسكي من حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية “VVD” تقليص مدة تصريح الإقامة المؤقتة من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة، مع إبداء مرونة في حال تعارض المقترح مع تأمين الأغلبية.
حزب العقد الاجتماعي الجديد “NSC” أعرب عن أمله في تمرير القوانين “دون تغييرات جوهرية”، فيما طالب حزب الحرية بإلغاء قانون “توزيع طالبي اللجوء على البلديات” ضمن القوانين الحالية.
جلسة ماراثونية تمتد حتى ساعات الليل والتصويت قادم
تُعقد الجلسة بحضور ثلاثة وزراء يمثلون ملفات اللجوء: فان فيل عن حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية (VVD)، كايزر عن حزب حركة المواطنين المزارعين (BBB) وفان هيوم عن حزب العقد الاجتماعي الجديد (NSC)، مما يزيد من تعقيد المناقشة. ويتوقع أن تستمر الجلسة حتى ساعات متأخرة من الليل، وسط دعابات النواب في الكواليس بقولهم: “أحضروا أكياس النوم!”، حسبما نقلت هيئة الإذاعة الهولندية “إن أو إس”.
من المرتقب التصويت على التعديلات يوم الثلاثاء، فيما يُتوقع أن يتم التصويت النهائي على مشاريع القوانين يوم الخميس، قبل بدء العطلة الصيفية للبرلمان التي تبدأ الجمعة القادمة 4 يوليو.