أخبار هولندا

أمستردام تنتفض باللون الأحمر: ربع مليون يهتفون لغزة ويكسرون صمت الحكومة

في مشهد غير مسبوق، خرج أكثر من 250 ألف متظاهر إلى شوارع أمستردام ضمن احتجاج “الخط الأحمر” رفضا لسياسة الحكومة الهولندية تجاه إسرائيل، ومطالبة بوقف الإبادة في غزة. المظاهرة جمعت سياسيين، فنانين، ومنظمات يهودية مؤيدة للسلام.

من ميدان المتحف إلى شوارع أمستردام… موجة حمراء تطالب بالعدالة لفلسطين

شهدت العاصمة الهولندية أمستردام اليوم أحد أكبر التجمعات الشعبية في تاريخ البلاد الحديث، حيث خرج نحو 250 ألف متظاهر في مظاهرة ضخمة تحت شعار “الخط الأحمر”، احتجاجا على سياسة الحكومة الهولندية تجاه إسرائيل وسكوتها عن “الإبادة الجماعية في غزة”، بحسب ما أفاد منظمو الحدث.

منذ ساعات الظهيرة، بدأ ميدان المتحف (Museumplein) يمتلئ بآلاف المتظاهرين الذين توافدوا من مختلف أنحاء هولندا، مرتدين اللون الأحمر الذي أصبح رمزا للاحتجاجات المطالبة بوقف الحرب على غزة. ومع حلول الساعة الثانية ظهرًا، غصّ الميدان بالمتظاهرين الذين رفعوا أعلام فلسطين ورددوا هتافات مثل:

“أوقفوا الإبادة”،
“حرروا فلسطين”،
“الشعب المتحد لن يُهزم أبدا”.

وانطلقت المسيرة الحمراء من الميدان عبر شوارع أمستردام، في أجواء سلمية تخللتها التصفيقات والتفاعل من السكان، بينما كانت الشرطة تراقب المظاهرة بهدوء وتحظى بتصفيق المشاركين.

مشاركة واسعة من سياسيين ومشاهير

لم تقتصر المشاركة على المواطنين فحسب، بل انضم إلى المسيرة سياسيون من أحزاب متعددة، من بينها: حزب العمل، الحزب الاشتراكي، حزب الخضر، حزب حقوق الحيوانات، وحزب “دينك” المؤيد لحقوق الأقليات.
كما شارك عدد كبير من المشاهير الهولنديين مثل الكوميدي بيتر بانّوك، والممثل وليد بن مبارك، الذي قال في تصريح مؤثر:

“اليوم نرسم الخط الأحمر لأن هناك إبادة جماعية جارية وحكومتنا لا تفعل شيئا!”.

كذلك شاركت المغنية ميرول والممثل نصر الدين شخار والفنانة كارسو، إلى جانب وجوه فنية أخرى عبّرت عن دعمها للشعب الفلسطيني.

انتقادات للحكومة الهولندية

ندد منظمو المظاهرة في بيان رسمي بموقف الحكومة، معتبرين أنها “تواصل دعم إسرائيل دون قيد أو شرط” رغم ما وصفوه بـ”الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي” و”مقتل أكثر من 65 ألف شخص في غزة”.

وجاء في البيان:

“طالما ترفض الحكومة اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف الإبادة والاحتلال الإسرائيلي، سنستمر في النزول إلى الشوارع. نطالب باستخدام جميع الوسائل الاقتصادية والدبلوماسية للضغط على إسرائيل وإحداث تغيير جذري في السياسة الخارجية الهولندية.”

رمزية الخط الأحمر

تحولت المظاهرة إلى لوحة بصرية ضخمة من اللون الأحمر، في إشارة إلى “الخط الذي لا يمكن تجاوزه” — وهو رمز بات معروفًا في أوروبا للاحتجاج ضد سياسات الحكومات التي يُنظر إليها على أنها متواطئة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وقال أحد المنظمين إن “الخط الأحمر يرمز إلى الحد الأخلاقي الذي لا يجوز تجاوزه أمام الظلم والإبادة”، مضيفًا أن “هذا الحراك سيستمر حتى يتحقق تغيير حقيقي في الموقف الرسمي الهولندي”.

دعوات إلى المقاطعة والعقوبات

في موازاة ذلك، ظهرت في المسيرة مجموعة تُعرف باسم “كتلة المقاطعة”، ارتدى أعضاؤها اللون الأسود للتعبير عن انتهاء مرحلة التحذير والرمزية. ودعت هذه المجموعة إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على إسرائيل، ومواصلة الضغط الشعبي من خلال حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات.

أصوات من داخل المجتمع اليهودي

جدير بالذكر أن المظاهرة شهدت أيضا حضور منظمات يهودية تقدمية مثل “صوت يهودي مختلف (Een Ander Joods Geluid)”، التي تؤيد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتدعو إلى العدالة والسلام في فلسطين، مما يعكس تنوع المشاركين واتساع قاعدة التأييد الشعبي.

تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن 53٪ من الهولنديين يؤيدون الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهي نسبة تعكس تحولا واضحا في الرأي العام خلال الأشهر الأخيرة، على خلفية تصاعد جرائم الاحتلال في غزة وتزايد الانتقادات الدولية لإسرائيل.

بهذه المظاهرة الحاشدة، رسم مئات الآلاف من الهولنديين “خطهم الأحمر” في وجه سياسات يرونها غير عادلة. وبينما تواصل الحكومة الهولندية تمسكها بموقفها التقليدي، يبدو أن الشارع الهولندي يبعث برسالة واضحة: “كفى صمتا… آن أوان الفعل.”

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات