أحزاب اليمين الهولندية تنتهك مبادئ سيادة القانون في برامجها الانتخابية

أظهر تقرير جديد صادر عن نقابة المحامين الهولنديين (NovA) أن غالبية الأحزاب السياسية في هولندا تتبنى في برامجها الانتخابية مقترحات تتعارض مع مبادئ سيادة القانون والدستور، في مؤشر على تصاعد الخطاب الشعبوي في الساحة السياسية قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية الشهر الجاري.
ووفق التقرير، فإن 12 حزباً من أصل 15 حزباً ممثلة حالياً في البرلمان الهولندي، تضم برامجها الانتخابية بنوداً “تتعارض مع التشريعات الوطنية أو الاتفاقيات الأوروبية والدولية لحقوق الإنسان”، وذلك بعد مراجعة شاملة لما يسمى “اختبار اللياقة القانونية” الذي تجريه النقابة قبل كل دورة انتخابية.
انتهاكات واسعة لحقوق المهاجرين واللاجئين في البرامج الانتخابية للأحزاب الهولندية
وأشار التقرير إلى أن الأحزاب اليمينية المتطرفة والمحافظة كانت الأكثر انتهاكاً لمبادئ القانون، حيث تصدّر حزب منتدى الديمقراطية (FvD) القائمة بـ33 مقترحاً مخالفاً، يليه حزب الحرية (PVV) بزعامة خيرت فيلدرز بـ30 مقترحاً، بينما جاءت أحزاب الإجابة الصحيحة “JA21” والإصلاح البروتستانتي “SGP” وحركة المواطن الفلاح “BBB” في المراتب التالية.
ومن بين المقترحات التي وصفت بأنها مخالفة للقانون، الدعوات إلى وقف الهجرة وتجميد طلبات اللجوء، وهي سياسات قالت النقابة إنها “تتعارض بشكل مباشر مع اتفاقية اللاجئين والقانون الأوروبي ومعاهدات حقوق الإنسان”.
تهديد للحريات الدينية والتعليمية
ورصد التقرير أيضاً مقترحات تمس حرية التعليم والمعتقد، منها خطة حزب الحرية (PVV) لحظر التعليم الإسلامي، ومقترح حزب الفلاحين “BBB” لمنع إنشاء مدارس دينية جديدة. كما أشار إلى مقترحات لحظر تغطية الوجه أثناء المظاهرات من قبل عدة أحزاب، وهو ما رأت النقابة أنه “قد يتعارض مع حرية التعبير والتجمع السلمي”.
مخاوف تتعلق بالخصوصية والإجراءات القضائية
أعربت النقابة عن قلقها من خطط بعض الأحزاب، من بينها الشعب الديمقراطي “VVD” والمسيحي الديمقراطي “CDA” والفلاحين “BBB“، لتقليص قواعد حماية الخصوصية بهدف تسهيل تبادل البيانات الحكومية، معتبرة أن ذلك يشكل “تهديدًا لحقوق المواطنين الأساسية”. كما انتقد التقرير المقترحات الداعية إلى تقصير فترات الاستئناف القضائي التي وردت في برامج عدة أحزاب.
ردود فعل سياسية متباينة
في المقابل، ردت ديلان يسيلغوز، زعيمة حزب الشعب من أجل الديمقراطية (VVD)، بالقول إن حزبها “يسعى لتشديد القوانين ضد المجرمين وتقييد اللجوء وسحب الجنسية من الإرهابيين”، مؤكدة أن “الرغبة في تغيير القانون لا تعني بالضرورة انتهاك سيادة القانون”.
أما أستاذ القانون الدستوري بجامعة لايدن فيم فورمانس، فاعتبر أن التقرير “ربما بالغ في نطاق التقييم”، مضيفاً أن “من المهم التمييز بين المقترحات المثيرة للجدل وتلك التي تمثل خرقاً فعلياً للدستور”.
سياق انتخابي متوتر
ويأتي التقرير في وقت تشهد فيه هولندا انقساماً سياسياً حاداً قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في 29 أكتوبر 2025، بعد انهيار الحكومة الائتلافية الصيف الماضي بسبب خلافات حول سياسة الهجرة.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب الحرية (PVV) بزعامة فيلدرز يتصدر نوايا التصويت بـ30 مقعداً متوقعًا من أصل 150، يليه تحالف اليسار الأخضر والعمل (GroenLinks–PvdA) بـ27 مقعداً، ثم الحزب الديمقراطي المسيحي (CDA) بـ23 مقعداً.
اتجاه مقلق منذ أكثر من عقد
وأكدت نقابة المحامين أن هذه الظاهرة ليست جديدة، إذ بدأت منذ عام 2012 وتشهد تصاعدًا مستمرًا. ففي ذلك العام، كانت خمسة برامج فقط لا تتماشى مع الدستور، لترتفع إلى سبعة في 2021، ثم عشرة في 2023، وصولاً إلى اثني عشر برنامجاً في 2025.
وجاء في ختام التقرير:
“ما نشهده ليس مجرد تجاوزات فردية، بل اتجاه أوسع يعكس تصاعد الاستقطاب السياسي وتشدد الخطاب العام في هولندا. ومع ذلك، فإن معظم الأحزاب قدّمت أيضًا مقترحات يمكن أن تعزز سيادة القانون، وهو جانب إيجابي في المشهد السياسي الحالي.”
وأشار التقرير إلى أن الأحزاب الثلاثة الوحيدة التي لم تتضمن برامجها أي مقترحات مخالفة للدستور هي:
تحالف اليسار (Gl–PvdA)، الحزب المؤيد لأوروبا Volt، وحزب حقوق الحيوان (PvdD).
بالطبع ✅
فيما يلي تصنيف الأحزاب الهولندية وفقًا لتقرير نقابة المحامين الهولنديين (NovA) الصادر بتاريخ 23 أكتوبر 2025، والذي قيّم مدى توافق برامجها الانتخابية مع مبادئ سيادة القانون والدستور.
تم تقسيم الأحزاب إلى ثلاث فئات رئيسية:
الأحزاب التي تضم مقترحات مخالفة لسيادة القانون (عالية الخطورة):
- منتدى الديمقراطية (Forum voor Democratie – FvD): 33 مقترحاً مخالفاً – أبرزها الدعوة لإيقاف الهجرة واللجوء كليًا.
- حزب الحرية (PVV): 30 مقترحاً مخالفاً – يشمل حظر التعليم الإسلامي وسحب الجنسية لأسباب سياسية.
- حزب الإجابة الصحيحة (JA21): 14 مقترحاً مخالفاً – منها فرض قيود صارمة على اللجوء والحقوق المدنية.
- الحزب المسيحي الإصلاحي (SGP): 13 مقترحاً مخالفاً – تتعلق بالحد من الحريات الشخصية والدينية.
- حزب المزارعين (BBB) : عدة مقترحات مخالفة – أبرزها تحديد سقف لعدد اللاجئين ورفض إنشاء مدارس دينية جديدة.
الأحزاب ذات المقترحات “المثيرة للجدل” أو “ذات مخاطر قانونية متوسطة”:
- الحزب الديمقراطي المسيحي (CDA): انتقادات تتعلق بتقليص الخصوصية وتسريع الإجراءات القضائية.
- حزب الشعب من أجل الديمقراطية (VVD): مقترحات لتقييد اللجوء وسحب الجنسية قد تتعارض مع المواثيق الدولية.
- الاتحاد المسيحي (CU): بعض البنود حول قضايا الخصوصية والاستئناف القضائي.
- العقد الاجتماعي الجديد (NSC): ملاحظات بشأن حرية التظاهر والخصوصية.
- حزب Denk (فكر): مقترحات لتقليص فترات الاستئناف القضائي و”إصلاح النظام القضائي” قد تمس ضمانات المحاكمة العادلة.
الأحزاب المتوافقة مع سيادة القانون (خالية من المخالفات):
- تحالف اليسار الأخضر وحزب العمل (GL – Pvda): جميع مقترحاته تدعم الشفافية والحقوق الأساسية.
- Volt (الحزب المؤيد للاتحاد الأوروبي): يركز على تعزيز الديمقراطية الأوروبية وحماية الخصوصية.
- حزب حقوق الحيوان (PvdD): خالٍ من أي مقترحات مخالفة، ويركز على العدالة الاجتماعية والبيئية.








