اليمين المتطرف يحقق مكاسب غير مسبوقة في انتخابات البرلمان الأوروبي
شهدت انتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2024 مكاسب غير مسبوقة لأحزاب اليمين المتطرف، حيث أحدثت هذه النتائج تحولاً سياسياً كبيراً في عدة دول أوروبية، أبرزها فرنسا. هذه النتائج تثير تساؤلات حول مستقبل الاتحاد الأوروبي والاتجاه السياسي للقارة، خاصة وأنها جاءت في ظل مناخ اقتصادي واجتماعي متوتر. على الرغم من هذه المكاسب، لم تتمكن الأحزاب اليمينية المتطرفة من تغيير التوازن السياسي في بروكسل بشكل كبير.
شهدت انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت أمس الأحد صعوداً لافتاً للأحزاب اليمينية المتطرفة، مما أدى إلى تحولات سياسية كبرى في فرنسا وزاد من حالة عدم اليقين بشأن المستقبل السياسي لأوروبا. ورغم أن هذه المكاسب لم تؤثر بشكل كبير على التوازن السياسي في بروكسل، إلا أنها أبرزت التغيرات الجذرية في المشهد السياسي الأوروبي. وتصدرت هذه الأحزاب النتائج في فرنسا وإيطاليا والنمسا، واحتلت المركز الثاني في ألمانيا وهولندا، مما يعكس تحولاً كبيراً في توجهات الناخبين.
نتائج الانتخابات الأوروبية الأولية تكشف عن تغيرات واضحة في التوازنات السياسية في البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء. رغم أن تحالف “الائتلاف الكبير”، المكون من الحزب الشعبي الأوروبي والاشتراكيين والديمقراطيين، و”تجديد أوروبا”، حافظ على أغلبيته، إلا أن هذه الأغلبية تراجعت بالمقارنة مع البرلمان السابق، حيث حصل التحالف على 398 مقعداً من أصل 720.
نتائج الانتخابات الأوروبية أظهرت توزيع المقاعد بين الأحزاب الرئيسية، حيث حصل الحزب الشعبي الأوروبي على 181 مقعداً، في حين حصل الاشتراكيون والديمقراطيون على 135 مقعداً، و”تجديد أوروبا” على 82 مقعداً، مما يشكل “الائتلاف الكبير” في البرلمان الأوروبي بـ 398 مقعداً من أصل 720. وعلى الرغم من هذه الأغلبية، إلا أنها تراجعت قليلاً مقارنة بالبرلمان السابق، مما يفتح المجال لتحالفات جديدة وديناميكيات سياسية جديدة في الاتحاد الأوروبي.
من جهة أخرى، تشهد القوى اليمينية المتطرفة انقساماً إلى كتلتين رئيسيتين يمكن إعادة تشكيلهما بعد الانتخابات، مما يعزز التحولات في المشهد السياسي الأوروبي. وفي هذا السياق، حققت كتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، التي تضم حزب “إخوة إيطاليا” بقيادة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني وحزب القانون والعدالة البولندي، نجاحاً بالحصول على مقعدين إضافيين وفق التقديرات. هذا التحالف يبرز قوة اليمين المحافظ ويعزز تأثيره في الساحة السياسية الأوروبية.
تفاصيل نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي 2024
وارتفع عدد مقاعد كتلة الهوية والديمقراطية من 49 إلى 62 مقعداً، وتضم الكتلة حزب التجمع الوطني الفرنسي وحزب الرابطة الإيطالي والآن تشير التقديرات إلى انضمام حزب الحرية الهولندية بزعامة فيلدرز إلى هذا التحالف، وقد استبعدت الكتلة مؤخراً حزب البديل من أجل ألمانيا من صفوفها.
في هولندا، فاز تحالف اليسار الذي يضم الخضر والعمل “GL-PvdA” بغالبية المقاعد كممثل عن الهولنديين. حصل التحالف على ثمانية مقاعد من أصل 31، فيما جاء حزب الحرية (PVV) اليميني المتطرف في المركز الثاني بستة مقاعد، وهو أقل بمقعد واحد مما توقعته استطلاعات الرأي يوم الخميس. بهذه النتيجة يحقق حزب الحرية اليميني المتطرف مكاسب كبيرة مقارنة بانتخابات 2019 التي لم يتمكن فيها حزب خيرت فيلدرز من الحصول على أي مقعد.
في فرنسا، حقق حزب التجمع الوطني بقيادة غوردان بارديلا فوزاً كبيراً بحصوله على 31.5% من الأصوات، مما يمنحه 31 من أصل 81 مقعداً فرنسياً في البرلمان الأوروبي. هذا التقدم دفع الرئيس ماكرون إلى إعلان حل الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة.
في ألمانيا، احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 16.5%، متفوقاً على الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر.
وفي النمسا، تصدر “حزب الحرية” اليميني المتطرف النتائج بنسبة 25.7%، متقدماً على الأحزاب المحافظة والاشتراكية.
في إيطاليا، حصل حزب “إخوة إيطاليا” اليميني المتطرف على 27% من الأصوات، بينما حصل الحزب الديمقراطي (يسار الوسط) على 23%.
في إسبانيا، تصدر الحزب الشعبي اليميني النتائج بنسبة 34% من الأصوات، متقدماً على الاشتراكيين الذين حصلوا على 30%.
في البرتغال، حصلت المعارضة الاشتراكية على نسبة 32.1% من الأصوات، متقدمة بفارق طفيف على الائتلاف الحكومي اليميني المعتدل.
وفي اليونان، حصل حزب الديمقراطية الجديدة اليميني على 27.85% من الأصوات، متفوقاً بفارق كبير على حزب سيريزا اليساري.
أما في المجر، حصل حزب رئيس الوزراء القومي فيكتور أوربان على أكثر من 43% من الأصوات، لكنه سجل تراجعاً مقارنة بالانتخابات السابقة.
في السويد، حقق حزب الخضر تقدماً بنسبة 15.7% من الأصوات، بينما تراجعت شعبية اليمين المتطرف.
وأخيراً، في بولندا، حصل الحزب الوسطي المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد تاسك على 38.2% من الأصوات، متقدماً على حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي.
تظهر النتائج أن الأحزاب اليمينية المتطرفة قد حققت تقدماً ملحوظاً في عدة دول أوروبية، مما يعكس تغييرات في المزاج السياسي للناخبين الأوروبيين.
وتجدر الإشارة، جرت الانتخابات البرلمانية الأوروبية، التي شارك فيها أكثر من 360 مليون ناخب لاختيار 720 عضواً، في ظل تحديات اقتصادية كبرى وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى سياسة الهجرة والتحديات الإستراتيجية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي من الصين والولايات المتحدة.