أكثر الجنسيات ارتكابا لجرائم الشرف في هولندا
تواجه الشرطة الهولندية ارتفاعا ملحوظا في حوادث العنف المرتبطة بشرف العائلة، حيث شهد العام الماضي 619 حالة تتعلق بانتهاك شرف العائلة، مقارنة بـ460 حالة قبل عشر سنوات. وتظهر البيانات أن نسبة كبيرة من هذه الحالات تشمل لاجئين سوريين، مما يثير تساؤلات، حسب هيئة الإذاعة الهولندية “إن أو إس”، حول ما إذا كانت دورات الاندماج في هولندا توفر الاهتمام الكافي بهذا النوع من العنف.
وفقا لتقارير الشرطة، تتزايد الحوادث التي يُزعم أنها تحدث بسبب انتهاك شرف العائلة، وهي حوادث يتعين فيها “استعادة” الشرف المفقود. في العام الماضي، ارتبط أكثر من ربع هذه القضايا بلاجئين سوريين، في حين كانت معظم الخلفيات الأخرى تشمل الأتراك، المغاربة، والأفغان.
يتولى المركز الوطني للخبرة في العنف المرتبط بالشرف مهمة دعم رجال الشرطة في التعامل مع هذه القضايا المعقدة، ويوفر استشارات في القضايا التي يلعب فيها شرف العائلة دورا رئيسيا. وترى الشرطة أن هذه الزيادة قد لا تشير بالضرورة إلى تصاعد العنف نفسه، بل إلى تقديم المزيد من الحالات للشرطة.
قلق بسبب ازدياد حالات تورط اللاجئين السوريين بارتكاب جرائم الشرف
يشير تزايد تورط اللاجئين السوريين في قضايا العنف المرتبط بالشرف إلى تأثير تدفق اللاجئين في السنوات الأخيرة. يعيش حاليا في هولندا أكثر من 150,000 سوري، مما جعل تمثيلهم الزائد في هذا النوع من القضايا مصدر قلق لدى الشرطة على حد قول “إن أو إس”.
نتيجة لذلك، طلبت الشرطة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل النظر فيما إذا كانت هناك حاجة إلى تعزيز الوعي حول العنف المرتبط بالشرف في دورات الاندماج. يُعبر ويلفريد يانمات، رئيس المركز الوطني للخبرة في العنف المرتبط بقضايا الشرف، عن أهمية أن يتعلم القادمون الجدد أن اختيار الشريك هو حق فردي في هولندا. وأكد أنه إذا كان هذا المفهوم غير واضح حاليا في برامج الاندماج، فيجب إيلاء المزيد من الاهتمام لذلك.
تأثير الحرب
تُظهر الدراسات السابقة، كما تقول هيئة الإذاعة، أن النزاعات غالبا ما تنشأ عندما تطلب النساء السوريات ”حرية أكبر” أو تسعى للطلاق بعد الوصول إلى هولندا. في المقابل، قد يشعر الرجال بفقدان مكانتهم إذا لم يعودوا المعيلين الرئيسيين للعائلة. تضاف إلى ذلك صدمات الحرب، والتي قد تساهم في تفاقم المشاكل النفسية وتقلل العتبة لاستخدام العنف.
يانين يانسن، عالمة الأنثروبولوجيا والخبيرة في العنف المرتبط بالشرف، تشير إلى أن التعرض لعنف الحرب قد يسبب اضطرابات نفسية ويجعل الأفراد أكثر استعدادا لاستخدام العنف بأنفسهم.
ترى الباحثة يانسن أن العنف المرتبط بالشرف يظهر غالبا خلال فترة المراهقة. “الفتيات اللواتي يفقدن عذريتهن دون زواج أو يخترن شريكا غير مقبول للعائلة أو تأتي بشخص من ديانة أو خلفية ثقافية مختلفة قد تنشأ بسببها نزاعات كبيرة”.
تعليقات وزير العدل
أعرب وزير العدل الهولندي فان ويل عن قلقه إزاء الزيادة في قضايا العنف المرتبط بالشرف. وذكر أن عدد الأشخاص الذين يرون هذا النوع من العنف مقبولا يتزايد بسبب نقص الاندماج وفهم الحرية الفردية في هولندا.
وأشار الوزير إلى أن في بعض البلدان والثقافات، لا يكون من المعتاد أن يختار الناس حياتهم بأنفسهم، ولكنه أكد على ضرورة نقل هذه المفاهيم إلى القادمين الجدد في هولندا.
حالات مميتة
على الرغم من أن معظم حوادث العنف المسجلة تشمل التهديد أو الاعتداء، فإن هناك حالات أشد خطورة، مثل القتل لغسل العار. العام الماضي، قُتل أربعة أشخاص في هولندا بسبب شرف العائلة. تشير يانسن إلى أن النزاعات قد تتصاعد لتؤدي إلى وفاة.
مثال مأساوي على ذلك هو مقتل الفتاة السورية ريان، البالغة من العمر 18 عاما، والتي عُثر على جثتها في مايو الماضي قرب منطقة أوستفارديرسبلاسسن في ليلستاد. يُشتبه في تورط شقيقيها في جريمة قتلها، كما أن والدها، الذي هرب إلى الخارج، اعترف في بريد إلكتروني إلى صحيفة “دي تليغراف” بمسؤوليته عن الحادث، موضحا أنه كان “غاضبا جدا” من ابنته.
تزعم التقارير الإعلامية إلى أن ريان تعرضت للضرب، وأُجبرت على ارتداء الحجاب، وتم تخصيص شريك زواج لها. ومن المتوقع أن تكشف المحاكمة عن تفاصيل إضافية حول القضية. وفي المقابل لم يؤكد أحد من أفراد العائلة هذه الاتهامات.
وسائل التواصل الاجتماعي وتفاقم المشاكل
توضح الشرطة أن وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من تعقيد الوضع، حيث يُمكن أن يتم تداول صور حساسة بين العائلة سواء في هولندا أو في بلد المنشأ، مما يؤدي إلى تصاعد النزاعات المتعلقة بالشرف.