العالم

آلاف المتظاهرين في لاهاي يحتجون على موقف الحكومة الهولندية من إسرائيل

شهد ميدان “مالييفيلد” في مدينة لاهاي، اليوم، تظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف الأشخاص، احتجاجا على موقف الحكومة الهولندية برئاسة ديك سخووف من السياسات الإسرائيلية، لا سيما ما يتعلق بالحرب على غزة والانتهاكات المستمرة للقانون الدولي الإنساني.

ووفقا للمنظمين، شارك أكثر من 100 ألف شخص في التظاهرة، حيث ارتدى المتظاهرون ملابس حمراء في إشارة رمزية إلى “رسم خط أحمر” ضد ما يرونه تجاوزا حكوميا في الصمت أو التهاون مع الممارسات الإسرائيلية. وقد امتلأت القطارات المتوجهة إلى لاهاي بمشاركين يرتدون الأحمر.

وفي وقت لاحق من بعد الظهر، توجه المتظاهرون إلى “قصر السلام”، حيث مقر محكمة العدل الدولية (ICJ)، التي تنظر حاليًا في دعوى تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة. وكانت المحكمة قد أصدرت في وقت سابق حكمًا مؤقتًا يطالب إسرائيل بحماية المدنيين والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، إلا أن إسرائيل لم تلتزم بهذا القرار.

نُظمت المظاهرة بمبادرة من عدد من المنظمات الإنسانية والحقوقية المؤيدة لفلسطين، من بينها: منظمة العفو الدولية، أطباء بلا حدود، أنقذوا الأطفال، منظمة باكس، أوكسفام نوفِب، منتدى الحقوق، ومبادرة “ازرع شجرة زيتون”. وتعد هذه الخطوة تصعيدا واضحا في الضغط الشعبي ضد السياسات الحكومية بشأن القضية الفلسطينية.

وكانت خمس من هذه المنظمات قد اجتمعت في أبريل الماضي مع رئيس الوزراء ديك سخووف ووزير الخارجية روب فِلدكامب، وقد أعرب مدير منظمة أوكسفام نوفِب، ميخيل سيرفاس، عن صدمته بعد الاجتماع، قائلاً إن الحكومة لم ترسم أي “خط أحمر” في تعاملها مع إسرائيل، بل تمسكت بالاعتقاد أن الحلول الدبلوماسية هي الأكثر نجاعة.

ومع تصاعد الانتقادات، بدأ وزير الخارجية فِلدكامب في تبني لهجة أكثر حدة. فقد صرح مؤخرا بأن إسرائيل، من خلال الحصار الإنساني المستمر على غزة، “لم تعد تحترم حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية”. كما دعا إلى فتح تحقيق أوروبي بشأن التزام إسرائيل باتفاقية الشراكة الموقعة مع الاتحاد الأوروبي.

موقف الحكومة الهولندية

تدعم الحكومة الهولندية ما تقول أنه “حق” إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وتُولي أهمية خاصة للإفراج عن الأسرى لدى حركة حماس. وحتى الآن، اقتصر موقفها الرسمي على الإدانة الدبلوماسية والضغوط السياسية، دون اللجوء إلى فرض عقوبات على الكيان الإسرائيلي رغم حجم الدمار الهائل وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة.

ويرتبط هذا النهج بالحسابات السياسية الداخلية، حيث يدعم حزب الحرية (PVV)، اليميني المتطرف، أكبر أحزاب التحالف الحاكم، إسرائيل دعما مطلقا. وتعتقد الحكومة أن هولندا يمكن أن تلعب دورا مؤثرا عبر المسار الدبلوماسي داخل الاتحاد الأوروبي، نظرا لصغر حجمها السياسي والعسكري.

إلا أن الأسابيع الأخيرة شهدت تشددا ملحوظا في لهجة الحكومة، مما أثار امتعاض خيرت فيلدرز متزعم حزب الحرية. فقد استدعت هولندا السفير الإسرائيلي، وهددت بعرقلة اتفاقيات تعاون جديدة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ما لم يتم فتح تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان.

وقال الوزير فلدكامب إن الطريقة التي تتصرف بها إسرائيل “تفتقر إلى التناسب”، في إشارة إلى استخدامها المفرط للقوة. وقد لقي هذا التحول في الموقف ترحيبًا حذرًا من قبل منظمات حقوق الإنسان، خاصة أنه تضمن لأول مرة تهديدا بعواقب ملموسة.

وتأتي هذه التطورات في ظل تنامي الضغوط الشعبية والحقوقية في هولندا وأوروبا لمراجعة سياسات الدعم غير المشروط لإسرائيل، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في غزة.

اترك تعليقاً

error: انتبه المحتوى محمي بموجب قانون النشر!!

أنت تستخدم أداة حظر الإعلانات

لقراءة المقالة، يرجى إيقاف أداة حظر الإعلانات